خالد أحمد الطراح

انشغل الاعلام البريطاني والدولي في الاسابيع الماضية بالتطورات الاخيرة، التي شهدتها العائلة الملكية في بريطانيا في ضوء قرار الامير هاري، بالتنازل عن امتيازات ملكية بقرار مشترك استقر عليه الامير بالاتفاق مع زوجته ميغان. حازت التصريحات والبيانات لأعضاء العائلة الملكية بخصوص قرارات الأمير هاري، الحفيد الأصغر، لملكة بريطانيا، اهتماماً إعلامياً واسعاً، وهو مؤشر نحو الشفافية في التواصل الجماهيري والإعلان عن التفاصيل بدقة وببيانات صحافية مواكبة لكل التطورات والأحداث، حتى لا يكتنف الموضوع أي غموض ويتحول في نهاية المطاف الى تكسب إعلامي لأي طرف، كما حصل قبل وبعد وفاة الاميرة ديانا.

فقد تدفقت آنذاك، وبعد الاعلان الرسمي عن الطلاق بين الاميرة ديانا والأمير تشارلز، العديد من الأخبار منها الصحيح ومنها المبالغ به او المغلوط، حيث انطلقت الملاحقة من جانب ما يعرف بمصوري المشاهير Paparazzi لرحلات وتحرك الاميرة الراحلة الاميرة ديانا، حتى حادث وفاتها في باريس. بعدها تدفقت الى السوق الاعلامي حوارات وكتب لشخصيات كانت قريبة من محيط الاميرة من مستويات مختلفة، بعضها حمل «أسراراً» و«معلومات شخصية» للأميرة، بما في ذلك الجانب «الطبي». اتسم بيان الملكة اليزابيث بحرفية في سرد التفاصيل الوافية من حيث المضمون والمعاني، حاملا البيان احترام الملكة لقرار الحفيد هاري وزوجته، وصادق التمنيات له ولأسرته بالتوفيق لهما في حياتهما الجديدة، خارج المحيط الملكي. ينبغي ألا تنسينا هذه التطورات الاحترام الملكي لتقاليد الاعلام البريطاني، الذي يقوم على حرية التعبير والنشر من دون اي قيود اعلامية باستثناء قانون الجزاء..

قانون لا يغيب عن حسبة اي مغامرة اعلامية، بسبب السقف المفتوح للتعويض للمتضرر بناء على أحكام قضائية، وليست قرارات وزارية كما يحصل عندنا في الكويت. في هذا السياق، لابد من التذكير بسقف الحرية والنشر الذي تمتعت فيه صحيفة «الشرق الاوسط» الدولية، فقد نشر رئيس تحرير الصحيفة الاسبق، الاخ والصديق العزيز عثمان العمير، خلال عهد خادم الحرمين الشريفين الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز، طيب الله ثراه، اجزاء من كتاب عن العلاقات السعودية في الوثائق البريطانية للمؤلف العراقي المرحوم نجدة فتحي صفوة، دون تصرف في المضمون. على عكس ذلك، يئن الاعلام الكويتي منذ سنوات من مراحل تعليق الدستور وحل البرلمان وحتى اليوم من مقصلة الرقابة في النشر والتعبير والمطبوعات حتى في ضوء الفضاء الالكتروني الواسع! النتيجة الحتمية المؤلمة التي نعيشها حالياً، انه بالرغم من مبادرة صحيفة القبس في الاهتمام بالنشر عن الكويت في الوثائق البريطانية بانتظام ومنذ سنوات حتى صدور أكثر من إصدار خاص عن هذه الوثائق، فقد سيطر قانون المطبوعات والنشر على المضمون، بينما الاصل متوافر في لندن للباحث والصحافي، إلا في حالات ما تمس الامن القومي بين بريطانيا ودول أخرى وقضايا ذات خصوصية عالية. ان التاريخ لا يحتمل التجزئة او التأويل، وما نتمناه احترام العقول وذاكرة التاريخ.