خالد أحمد الطراح

حرصت الحكومة البريطانية أخيراً على التعاون المشترك مع مجلس العموم (الشعب) على بلورة صيغة نهائية لقانون يتعلّق ببرامج وسائط التواصل الاجتماعي، منعاً لأي انحراف وسوء استغلال للفضاء الإلكتروني بشكل ضار ومسيء لكل شرائح المجتمع. عملية التنظيم ستتم

من خلال تحديد المسؤولية القانونية على المشغلين والمشرفين، حيث قدمت وزارة الثقافة البريطانية تصورات لمشروع القانون الذي يفترض أن يرى النور خلال الشهور المقبلة، فقد جرت بلورة طبيعة المسؤولية للمشغلين، أي أصحاب وسائل التواصل الاجتماعي كفيسبوك وغيره. يتلخص التصور البريطاني في تحمل المشغلين والمشرفين المسؤولية القانونية لأي سوء استخدام لوسائل التواصل الاجتماعي من أي طرف كان، والضرر الناتج عن ذلك على المجتمع وتحديدا الاطفال، خصوصا في ما يتعلّق بالتحرش الجنسي والدعايات والإعلانات المسيئة اجتماعياً، كالتي تروج للعنف والتنمر والإباحية والتزوير والإرهاب أيضاً.

شدد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على اهمية ان تكون بريطانيا «افضل مكان امن في العالم للانترنت»، من خلال تنظيم عملية الاستخدام والتشفير للمواقع الالكترونية التي قد يساء استغلالها من الاطفال وغيرهم. العقوبات في هذه الحالة ستكون على المشغلين والمشرفين على وسائط التواصل الاجتماعي وليس المستخدمين بسبب تهاون اصحاب او رؤساء هذه الوسائط بعدم وضع ضوابط تشفير لتنظيم عمليات التصفح الالكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي، بحيث لا يجري استغلال هذه الوسائط لأغراض ضارة اجتماعياً، وبالتالي يتضرر المجتمع بسموم أمراض نفسية وأغراض غير مشروعة قانونياً من قبل بعض المستخدمين. وتحقيقا لهذا الهدف، سيتم انشاء جهاز رقابي Watchdog Offcom لفرض الرقابة الصارمة على المشغلين لوسائل التواصل الاجتماعي، وفي حال عدم التزام اي مشغل تتم ادانته وفرض غرامة مالية متفاوتة عليه. كل هذه الاجراءات تهدف الى حماية المجتمع من اي انحرافات في الاستخدام والاستغلال في ظل عدم ممارسة دور إشرافي صارم للمشغلين والمشرفين على هذه الوسائط، ولكن من دون المساس بحريات التعبير في الشؤون السياسية والاقتصادية والثقافية تكريسا للديموقراطية البريطانية العريقة. على عكس ما يجري في بلدان اخرى، حيث يضيق الخناق على حرية التعبير والرأي بموجب قوانين اعلامية تتناقض مع مواد دستورية ومعاهدات دولية، بينما تغيب الاجراءات الصارمة والحازمة في تتبع مصادر الغلو وأي انشطة رياضية تهدف الى تعلم فنون الاقتتال تمهيدا للزج بشباب مغرر فيهم في وسط مخططات ارهابية وبرك دماء الابرياء تحت راية الدين الاسلامي، والإسلام بريء من كل ذلك. استنفر الغرب منذ الاحداث الدموية التي عصفت بالعالم بدءا بأحداث 11 سبتمبر في أميركا ومروراً بعمليات ارهابية في بريطانيا وأوروبا والعالم العربي والاسلامي ايضا، لغاية تاريخ «خلافة» القاعدة للمجموعة الارهابية المعروفة باسم «داعش»، التي تضم في صفوفها شباباً وشابات مسلمين من جنسيات عربية وأجنبية! بينما العالم العربي والإسلامي اكتفى بالتفاعل إنشائياً في الاستنكار والتنديد بالعمليات الإرهابية، فيما يتم التركيز على تطويق الحريات الفردية بسياج قوانين تستهدف نسف سقف الحريات وتكميم الأفواه! .