يوسف مانع العتيبة

يبدو أن الاتفاق النووي في الشرق الأوسط يعمل بشكل جيد. فقد تم الاتفاق على الالتزام على الإطلاق بمنع الانتشار النووي ومراعاة الشفافية، وفي الوقت ذاته قطع أي طريق إلى التسلح.

أعلنت دولة الإمارات في 3 مارس (آذار)، استكمال تحميل الوقود النووي في مفاعل المحطة الأولى من محطات براكة للطاقة النووية السلمية، وعندما تصبح المحطات الأربع جاهزة للتشغيل، ستوفر ما يصل إلى 25 في المائة من الطاقة الكهربائية التي تستهلكها دولة الإمارات دون انبعاثات كربونية.

وقد بدأ هذا المشروع الطموح منذ 10 سنوات، عندما وقعت دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة أقوى اتفاقية تعاون نووي سلمي في التاريخ. ولكنها لم تكن مؤكدة، فمع تقدم المفاوضات خلال السنة الأخيرة لإدارة الرئيس جورج بوش، كان المجتمع المناهض للانتشار النووي قلقاً. فقد خشي البعض من أن منطقة الشرق الأوسط غير مناسبة لتطوير برنامج نووي سلمي، فيما اعتبر خبراء آخرون الحد من التسلح بأنه في حال استخدمت إيران برنامجها كغطاء لصنع قنبلة نووية، فإن الإمارات العربية المتحدة يمكنها أن تفعل ذلك أيضاً.

ولكن الإمارات العربية المتحدة رفضت الاتهامات التي وجهت إليها بوجود نية لصنع أسلحة نووية، وقدمت بشكل استباقي أقوى الالتزامات لمنع الانتشار النووي، متعهدة بالتخلي عن التخصيب أو إعادة المعالجة المحلية للمواد النووية. كما أنها لم تتردد في الانضمام إلى التقييم الإضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي يسمح بإجراء عمليات تفتيش لأي منشأة نووية في أي وقت.

وقد مثلت هذه الضمانات التاريخية والملزمة، التي عرفت فيما بعد بـ«المعيار الذهبي»، حلاً جديداً ومبتكراً لمشكلة قديمة نشأت عن الطبيعة الملازمة للاستخدام المزدوج لبعض عناصر سلسلة تزويد الوقود النووي.

وقد تم توقيع الاتفاقية في نهاية إدارة بوش وصادقت عليها إدارة أوباما. وبعد مراجعة عميقة لها من الكونغرس من قبل رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب هوارد بيرمان، دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في ديسمبر (كانون الأول) 2009.

إن التزامات دولة الإمارات بكامل رغبتها تتجاوز بكثير تلك التي بالكاد تم الحصول عليها من الجانب الإيراني في خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015. فقد أصرت طهران على الحفاظ على طريقة لتخصيب اليورانيوم محلياً وتطوير تقنيات الطرد المركزي المتقدمة - وقد طورت القدرات أولاً بشكل سري في تحدٍ لقرارات مجلس الأمن الدولي الملزمة. وطالبت إيران أيضاً بأن تسقط أهم القيود في يناير (كانون الثاني) 2026. وتكشف هذه المطالب عن تطلعات إيران الحقيقية على المدى الطويل.

لا يمكن لإيران أن ترسل إشارة أوضح للنوايا السلمية أكثر من التوقيع على نفس المعايير التي التزمت بها دولة الإمارات... ويجب على المجتمع الدولي الإصرار على ذلك كشرط مسبق لاتفاق نووي جديد مع إيران، والذي من شأنه أن يخلق طريقاً نووياً سلمياً. عندها سوف تستطيع إيران تحديث برنامج الطاقة النووية وتعزيز رخائها الاقتصادي.

سوف تقوم محطة براكة بتزويد دولة الإمارات بـ5.6 غيغاوات من الكهرباء منخفضة الكربون في السنوات القليلة المقبلة، في حين أن البرنامج الإيراني الذي يبلغ من العمر 45 عاماً يقوم على محطة واحدة تبلغ طاقتها 915 ميغاوات.

تعد التكنولوجيا النووية السلمية أمراً مهماً لتنويع مصادر الطاقة في العالم، خاصة بعد المطالبة ببدائل ذات الكربون المنخفض. لكن البحث عن الطاقة النظيفة يجب ألا يكون عذراً لتصنيع أسلحة خطيرة تضر بهذا العالم. لقد نجحت الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة في إبرام هذه الصفقة النووية التي وفرت قواعد أفضل ومصدراً كبيراً جديداً للطاقة النظيفة وقللت من خطر الانتشار النووي.