صفوق الشمري

دنيا غريبة، عندما نشاهد الهبة الإعلامية من أغلب الإعلاميين السعوديين على تشريح الإعلام السعودي والهجوم عليه بعد كلام الوزير ماجد القصبي بأن الأداء غير مرض ولا يواكب التطلعات.

هب كثيرون لنقد الإعلام السعودي مع أنهم جزء من الإعلام السعودي لسنوات.. والسؤال الذي تبادر للعقل: أين كنتم خلال الفترة الماضية؟

حتى لا يقال إنني سأنضم لهذه الهبة والموجة، فإنني لسنوات وأنا أنتقد الإعلام السعودي بشدة، وكتبت كثيرا من المقالات القاسية الواقعية، وفي عصر أكثر من وزير، لذلك لن أغيّر خطي الآن، فالصراحة هي أقصر الطرق لوصول الرسالة، والبعض سيتسلق هذه الموجة والنصح للوصول وتغيير الجلد وله حريته في ذلك، لكن الحق يقال بعض المقالات التي كتبت أخيرا في هذه الموجة تشرح حال الإعلام السعودي السيئ، كانت جميلة ودقيقة.

كل ما أريده من الصحفيين والإعلاميين النقد الواقعي بغض النظر عمن يكون على سدة الوزارة، إذا كان الإعلام سيئاً، وهذا هو الحال فعلاً، فأين من تسبب بهذا السوء من إعلاميين وشللية وواسطات؟ هذا يذكرني بمقولة توفيق الدقن الله يرحمه «هو جرى أيه للدنيا.. الناس كلها بقت فتوات.. أومال مين اللي هينضرب».

معالي الوزير سأكون مختصرا قدر الإمكان في هذا المقال فخير الكلام ما قل ودل، لكن هناك عدة مقالات كتبتها قبل وصولكم للوزارة، ولا أريد أن أغير جلدي أو خطي، وهي تنطبق على الوضع الحالي، وتشرح وضع إعلامنا وصحافيينا، وأذكر من هذه المقالات:

«حاجة السعودية لإعلام خارجي صلب»، و«لماذا لم يتطور الصحفيون والكتاب السعوديون» و«وهل تحولت الصحافة إلى هاتف عملة»، لكن أركز على نقطة واحدة، وهي الإعلام الخارجي؟، وما أدراك ما الإعلام الخارجي إن وجد أصلا إعلام خارجي محترف!.

الإعلام السعودي يسولف لنفسه ولا يستطيع في بعض أدواته إقناع طالب متوسطة حول العالم، بل يستخدم نفس الأدوات السعودية لجمهور مختلف جدا، وهناك عزوف عن الإعلام الخارجي من الإعلاميين السعوديين، إما بسبب عدم امتلاك الأدوات اللازمة والمعرفة لمخاطبة عقلية الآخر، وإما كسلا وبيروقراطية، وإما أن الإعلام الخارجي (ما يوكل عيش) لأن الهياط في الإعلام الداخلي له صدى ومتابعون ويحبون يقلطون من المسؤولين.

أما الإعلام الخارجي فمن واقع خبرة وتجربة لسنوات، أغلبه مجهودات فردية ومتطوعون سعوديون وخليجيون وعلى حسب وقت فراغهم لكن فيه حماس متقد، ودفاعهم مشتت وليس مبنيا على خطط محكمة واحترافية كما يكون الإعلام الدولي، ولا يوجد تكامل وخطط علمية يتبناها مركز تنسيق كما في الحملات المعادية للمملكة، التي تبدأ بناء على أجندة مرسومة ويتم الضخ فيها بناء على الخطط الاحترافية والنفسية في علم الإعلام.

ومع ذلك رغم المجهودات الفردية من المتطوعين إلا أن لها بعض الأثر رغم عدم الاهتمام وعدم التقدير لها من جهات الإعلام لدينا.. سنوات (شيل وحط مع الصحفيين الغربيين) لدرجة أنهم يعرفوننا بالاسم وربما لقلة العدد، وربما يريدون إحباطنا عبر التأكيد على أن العدد لم يزد ولم يتطور لسنوات، والحملات على المملكة تزيد وتصبح أكثر احترافية.

مكانة المملكة ونفوذها لا يستحقان هذا الأداء من الإعلام الخارجي، وإذا غطت الوزارة في عهدكم هذه النقطة فإنها ستسد ثغرة حقيقية يدخل منها كثير ممن يعادي الوطن.