محمد الوعيل

التهور غير الأخلاقي لإيران، يحملها المسؤولية المباشرة في التسبب في تفشي الإصابة بالفايروس وانتشاره عبر العالم، ليس بالتهاون في حق شعبها فقط، ولكن بالتسبب والتواطؤ المتعمد في تفشيه بالمنطقة وبدول إقليمية أخرى..

لا شك أننا جميعاً نعلم حجم الاستهداف الذي تتعرض له بلادنا إقليمياً ودولياً، نفهم محاولات النيل من مكانتينا السياسية والاقتصادية، ونعرف أجندات الطعن في رصيدنا التاريخي وريادتنا الدينية إسلامياً، وندرك -بل نعي جيداً- كم المؤامرات السابقة والحالية التي تحاول إحباط مشروعنا النهضوي والتنموي الكبير، ومنها ما يتعلق بالتعدي على سيادتنا الحدودية، ومنها ما يخوض حروب الجيلين الرابع والخامس لتزييف الوعي وبذر بذور التشكيك في القيادة والوطن.

كل ما سبق وغيره، يعرفه أصغر طفل في أقصى هجرة أو قرية سعودية، لكن ما لا يمكن تخيله إطلاقاً في سياق العلاقات الدولية، أو بمنطق الجوار الجغرافي، أو بمفهوم الشراكة في الدين الواحد، أو حتى من أبجديات السلوك الإنساني والأخلاقي، أن يقدم نظام ما على تصدير ما يشبه الحرب البيولوجية لشعب آخر ويتواطأ بخبث شديد من أجل استهداف الصحة العامة لأشخاص أبرياء عبر نقل المرض إليهم عمداً وبسبق إصرار وترصد.

ما قام به نظام الملالي في إيران مؤخراً -ووفق بيان رسمي سعودي- بإدخال مواطنين سعوديين إلى أراضيها، من دون الالتزام بالإجراءات الدولية المعهودة عبر وضع ختم على جوازات سفرهم، في وقت تنتشر فيه الإصابة بفايروس كورونا الجديد في غالبية المحافظات الإيرانية التي أصبحت البؤرة الثانية في العالم -بعد الصين- جريمة متكاملة الأركان، تكشف واحداً من عورات هذا النظام العنصري الطائفي الذي لا يتورع عن استخدام أي شيء لتحقيق أهداف ملالية وعمائمه المتسلطة، التي حاولت كثيراً التهرب من مسؤوليتها عن تفشي الفايروس القاتل، وتعاملت معه باستخفاف راح ضحيته العشرات من مواطنيه الأبرياء أنفسهم، ومنهم بعض من هم في دولاب هذا النظام أيضاً!

البيان السعودي الواضح، بمثل ما يكشف خطورة ما قام به النظام الإيراني من تهديد لسلامة البشرية، ويعد تقويضاً للجهود الدولية لمكافحة فايروس كورونا الجديد، فإنه يثير الكثير من علامات الاستفهام حول هذا السلوك الإجرامي، كما أنه يفضح أيضاً زيف ادعاءات الجوار والعقيدة والأخلاق التي يتشدق بها دوماً، ويصدقها كثير من المخدوعين به وبأذرعه وميليشياته الشيطانية، لأن ما قام به هذا النظام أدار دفة الاختلاف السياسي إلى طعن غادر يستهدف صحة شعب جار ومسلم، من خلال استخدامه مواطنين سعوديين انساقوا وراء ادعاءاته بسذاجة، وعادوا للمملكة من هناك، عبر البحرين والكويت، وتبين أنهم لم يفصحوا للجهات المختصة بسفرهم إلى إيران عند عودتهم للمملكة.

هذا التهور غير الأخلاقي لإيران، يحملها المسؤولية المباشرة في التسبب في تفشي الإصابة بالفايروس وانتشاره عبر العالم، ليس بالتهاون في حق شعبها فقط، ولكن بالتسبب والتواطؤ المتعمد في تفشيه بالمنطقة ومن دول إقليمية أخرى، في وقت تجتهد فيه دولتنا -مع العالم أجمع- لمواجهته ومحاصرة بؤره، حفاظاً على البشرية من المخاطر الوبائية وما قد تسببه من مشكلات لا يعلم بها إلا الله وحده.

وإذا كانت المملكة شأنها شأن أي دولة محترمة تقوم على حماية شعبها من أي مخاطر، قد حذرت مراراً بل منعت السفر إلى أي منطقة موبوءة أو مشتبه بها، فإنها أيضاً حثت كل مواطنيها الذين يزورون إيران حالياً بالإفصاح عن ذلك فور وصولهم للمملكة. وأعطت فرصة استثنائية لهؤلاء المواطنين من تطبيق أحكام نظام وثائق السفر ولائحته التنفيذية في حال بادروا إلى ذلك من تلقاء أنفسهم خلال 48 ساعة، حرصاً على سلامتهم وسلامة المخالطين لهم، كما أن المملكة طالبت إيران بالإفصاح عن هويات المواطنين السعوديين الذين زاروها بشكل مخالف منذ الأول من فبراير الماضي، محملةً السلطات الإيرانية المسؤولية كاملة عن كل شخص منهم انتقل إليه المرض خلال وجوده على أراضيها من دون إبلاغ سلطات بلاده، لأن معنى استمرار النظام الإيراني في تكتمه على هوية المواطنين السعوديين الزائرين إيران سراً، والسماح لهم بذلك بطريقة غير شرعية، هو تهديد صريح للصحة العامة ليس في المملكة فحسب بل في العالم بأسره، وانتهاك لكل معايير السلامة الدولية، يستحق المعاقبة المباشرة.

نحن على هذه الأرض، وتحت هذه القيادة، لا يهمنا إلا سلامة أبنائنا، ونشارك العالم انشغاله بمواجهة الفايروس القاتل، ونحذر النظام الإيراني من العبث بمقدرات الشعوب والاستهتار بحياتها، يكفي ما يعانيه المواطن الإيراني في الداخل من انتهاكات واضحة لحياته، وما حدث من تفشي المرض في غالبية المحافظات الإيرانية لهو دليل على كم الاستهانة بالحياة البشرية، والتضحية بأبرياء من أجل استمرار الفكرة الثيوقراطية المزيفة، وإذا كان هذا النظام حاول من قبل الخداع بوهم تصدير الثورة، وفشل داخلياً وخارجياً، فعليه ألا يقامر مجدداً بمغامرة تصدير المرض والموت، لأن التاريخ لن يرحم، وآجلاً أم عاجلاً سيدفع ثمن كل هذه المهاترات.