عائشة المري

جسّدت سياسة دولة الإمارات الخارجية في التعاطي مع أزمة فيروس كورونا المستجد مبدأ التضامن الإنساني الذي رسّخه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، منذ نشأة الدولة. فقد أخذت دولة الإمارات على عاتقها دعم الدول الشقيقة والصديقة في مواجهة كورونا منذ ظهوره في مقاطعة ووهان الصينية، حيث كثّفت جهودها الإنسانية بالتنسيق والتعاون مع منظمة الصحة العالمية. ولم تقتصر هذه الجهود في مكافحة الفيروس على الداخل الإماراتي، بل امتدت إلى الخارج لتغطّي كافة أوجه العون، من التجهيزات الطبية إلى إجلاء رعايا الدول الشقيقة والصديقة من بؤرة الوباء. كما تعاملت بشفافية مطلقة مع الحالات التي رصدتها، ومع الإجراءات الوقائية التي اعتمدتها على المستوى الوطني، لحماية المجتمع وضمان أمنه الصحي.
لقد سارعت دولة الإمارات، مع ارتفاع موجة الهلع العالمي من تفشي فيروس كورونا المستجد، وفي ظل سعيها الدائم لمد يد العون للبلدان الشقيقة والصديقة، بتجهيز «مدينة الإمارات الإنسانية» في أبوظبي كمدينة متكاملة، بالخدمات الصحية والترفيهية، لاستقبال رعايا الدول العالقين في ووهان الصينية، والذين أمر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بإجلائهم من بؤرة تفشي الوباء، بناءً على طلب حكومات دولهم، ونقلهم إلى «المدينة الإنسانية» في أبوظبي، حيث تم إجراء الفحوص الطبية اللازمة للتأكد من سلامتهم ووضعهم تحت الحجر الصحي مدة 14 يوماً، تتوفر لهم خلالها منظومة رعاية صحية متكاملة، وبما يتوافق مع معايير منظمة الصحة العالمية، إلى حين التأكد التام من سلامتهم.

وقد تمت علمية إجلاء 215 شخصاً من رعايا دول عربية وصديقة بالتنسيق مع سفارات هذه الدول، وفي إطار التعاون المستمر بين دولة الإمارات وجمهورية الصين الشعبية، من أجل احتواء انتشار الفيروس.
وتعد جهود الإمارات في هذا المجال نموذجاً للعطاء والتسامح، بعيداً عن أي خلافات سياسية، إذ حطت يوم الاثنين الماضي، في مطار طهران، طائرة إماراتية محملة بمساعدات طبية للشعب الإيراني، في أول شحنة مساعدات يتم إرسالها جواً لإعانة إيران على مكافحة كورونا الذي انتشر على نطاق واسع في البلاد. وكما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، فقد حملت الطائرة الإماراتية ثمانية أطنان من الأدوية ومعدات الفحص. ووجّه مدير عام منظمة الصحة العالمية الشكر للإمارات على الدعم الصحي الذي قدمته لإيران.
وتستند برامج المساعدات الخارجية لدولة الإمارات على دعائم إنسانية، تتجاوز الدين والعرق واللون والتوجهات السياسية للدول، حيث دعمت المشاريع التنموية وأسست برامج التعليم وساهمت في ترسيخ سياسات الحوكمة، إضافة إلى مساهمتها الفاعلة في أعمال الإغاثة خلال أوقات الطوارئ والأزمات.. وقامت بكل ذلك في مختلف الدول والمجتمعات.

وفي التقرير السنوي للمساعدات الخارجية لدولة الإمارات، الصادر في ديسمبر الماضي، ورد أنّ قيمة المساعدات الخارجية المقدمة من الإمارات خلال عام 2018 تجاوزت 28.5 مليار درهم، أي نحو 8 مليارات دولار، وذلك في 42 بلداً حول العالم، وهي مساعدات تشمل الرعاية الصحية الطارئة، وتوفير وسائل النقل، ودعم التعليم، وتوليد الطاقة، وتوفير الرعاية الطبية، والمعونات الغذائية.. وغيرها كثير. وذكر التقرير أن قيمة برنامج المساعدات الخارجية لدولة الإمارات، وللعام السادس على التوالي، تجاوزت نسبة 0.7? من إجمالي الناتج القومي الإجمالي، وهي النسبة التي أقرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

لقد أثبتت دولة الإمارات أن المساعدات الإنسانية التي تقدمها لا ترتبط بالتوجهات السياسية للدول المستفيدة منها، ولا بالبقعة الجغرافية أو العرق أو اللون أو الطائفة أو الديانة، بل ظل الجانب الإنساني واحتياجات الشعوب محدِّدَين وموجهَين أساسيين لها. وما تعامل الإمارات مع أزمة فيروس كورونا إلا تجسيد واقعي لسياستها الإنسانية.