فاتح عبدالسلام
يقول صديقي ، نسينا كل أمراضنا من ضغط الدم إلى السكري وتصلب الشرايين وارتجاف أذين القلب والبروستات والبواسير والتهاب المفاصل وانزلاق الفقرات وتنمّل الأطراف ، ونركض نحو كل صوب وحدب هاربين من فيروس كورونا المستجد. ويضيف ان حالنا مثل الوضع العراقي، كلما تظهرت مشكلة أو أزمة حقيقية أو مفتعلة، نهرع اليها ونقف عندها هاتفين وصارخين ومشتكين ونازفين ، في الوقت الذي نكون جميعا قد أتينا من عمق مشاكل ومصائب أكبر لم نجد لها حلا .
في التظاهرات التي خرجت في بغداد وجنوب العراق منذ الأول من اكتوبر الماضي ، كان الشعار الذي استنهض الصغير والكبير للانتفاض ضد الفساد والظلم هو مطلب التغيير الجوهري لمسار العملية السياسية من نظام المحاصصة والتوافقات تحت الطاولة وفي جلسات الليل ومع مقاولي الحقائب الوزارية إلى مسار بناء دولة لها قانون وعدل ومساواة قبل أن نضحك على أنفسنا بشعارات لا مقومات اقتصادية ومالية وتنموية وعسكرية وأمنية حول السيادة والاستقلال .
المصيبة هي انّ أقطاب العملية السياسية وسدنتها وحماة عرضها وطولها، لم يعودوا الوحيدين الذين يبحثون عن ترقيع الوضع السياسي من خلال الإتيان بشخص يتم التوافق عليه علناً مرّة ، وسرّاً مرّات ، ليمضي بقافلة المصالح والامتيازات إلى شاطئ النهب والفساد وتحت الستار القانوني وربما الدستوري أيضاً . وإنّما باتت حلقات وتجمعات بعض الحراك يشغلها ذلك الوسواس في ترشيح شخص يقود وزارة جديدة ، يمر من خلال سلسلة المرجعيات السياسية التي خرج الشعب رافضا لوجودها ولما صنعته في البلاد في خلال سبعة عشر عاماً . بل مضى بعض الأشخاص تحت تأثير اشتغالات محلية وخارجية واضحة لترشيح نفسه من التجمعات والساحات لمنصب رئيس الوزراء باحثاً عن السبيل لإيصال اسمه إلى “مرجعيات العملية السياسية” في بغداد ليمر من خلالها .
لا أدري مَن يضحك على مَن ؟ ولماذا انحرف بعضهم عن الأهداف العظيمة التي ينشدها الملايين في تغيير المسار وليس الحقائب الوزارية في تشكيل مؤقت ؟
هل صنعوا لهم -كورونا سياسية- لتكون بديلاً عن كل أمراض المجتمع والبلاد السياسية والاقتصادية ، التي يقول بعض الخبراء ان لا حل لها في خلال جيلين في الأقل .
التعليقات