عبدالرحمن السلطان

اليوم لا يملك كل سعودي وسعودية إلا أن يفخر بما يلمسه من نتائج احترافية أداء بلاده في إدارة أزمة انتشار فيروس "كورونا كوفيد 19"، على الرغم من مجاورتنا لأحد أكبر بؤر انتشار المرض!

كان التحرك الحكومي الجاد منذ بداية انتشار الوباء العالمي هو حجر الزاوية للنجاح المستحق، عبر تأسيس اللجنة المعنية بمتابعة مستجدات الوضع الصحي لفيروس كورونا الجديد برئاسة وزير الصحة، وعضوية ممثلين ذوي مستوى عالٍ عن جميع الجهات الحكومية ذات العلاقة، وإطلاق أعمال اجتماعتها بشكل مفتوح، وذلك لدراسة معطيات الموقف والرصد اليومي للحالات التي يقوم مركز القيادة والتحكم بوزارة الصحة بتسجيلها من كافة المنافذ أو مواقع الرصد، وللعلم فإن المركز يقوم بنشر جميع معلومات الحالات المصابة بالفيروس أو الأوبئة الأخرى بشكل يومي ضمن صفحة "أحداث الصحة العامة المحلية" في الموقع الإلكتروني للوزارة، ناهيك عن الدور المميز الذي لعبه المركز الوطني للوقاية من الأمراض والتحكم.

كانت اللجنة مستقلة وجريئة وشفافة في اتخاذ التدابير الوقائية، المبنية على المعلومات وأفضل الممارسات الدولية، والتواصل مع منظمة الصحة العالمية، والتي بدأت بتعليق الدخول بالهوية الوطنية لمواطني دول الخليج العربي، بهدف زيادة القدرة على تتبع مسار السفر وبالذات الدول الموبوءة، ثم تعليق السفر لعدد من الدول التي يحتمل وصول المرض منها، ثم القرار الأكبر بتعليق الدارسة في التعليم العام والجامعي، بالإضافة إلى تعليق الحضور الجماهيري للمبارات، وقبل أيام إيقاف دور السينما وصالات الأفراح والفنادق، حتى أضحت كل قرارات اللجنة مرجعاً لتحرك الدول المجاورة ودول الإقليم. دون إغفال التعامل الاحترافي اليومي مع وسائل الإعلام، وتقديم كافة المعلومات التي تساعد على مزيد من طمأنة سكان المملكة.

والله الحمد المملكة تحولت إلى بيت خبرة مميزة في مجال التعامل مع الأوبئة، وبالذات مع بناء الخبرات المحلية من حمى الوادي المتصدي إلى فيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية، ناهيك عن الإجراءات التي تبذل كل عام لحماية موسم الحج، عبر إدارة الحشود، وضمان عدم تفشي الأوبئة.

وفي ظل نجاحات هذه التجربة التي شهد بها القاصي والداني، وأكدتها شواهد انخفاض أرقام الإصابة، وتواتر أخبار شفاء المصابين به، أتمنى أن يكون توثيق هذه التجربة الفريدة على رأس أولويات اللجنة، لأنها أضحت قصة نموذج نجاح عالمي يعتد به في التعامل مع مثل هذه الأوبئة المتفشية، عبر أرشفة الخطط ومحاضر الاجتماعات والبيانات الضخمة التي تجمع وتحلل يومياً، ثم نشرها في قوالب إعلامية متعددة، كالمجلات العلمية المحكمة، وإنتاج أفلام وثائقية تلفزيونية عن مراحل التعامل مع الأزمة، وبرامج التوعية، والدروس المستفادة، مع ضرورة أن يكون الفريق الإعلامي المسؤول عن التوثيق منفصلاً عن الفريق الإعلامي الذي يدير الأزمة الحالية، حتى يكون مُخرج التوثيق دقيقًا وذا جودة عالية، والأهم غير متأثر بالمستجدات اليومية.