عبدالله الحريري

في الأزمات والمواقف والأحداث الضاغطة كالحروب والكوارث والأوبئة تزداد الدوافع البشرية للحفاظ على البقاء ويدفعهم القلق للهروب إلى الأمام وقلة يدفعهم الخوف للإحباط والاكتئاب ويصبحون مشلولي الحركة.. ولكن هناك فئة من الشخصيات الملهمة والقائدة من تبحث عن الحلول وتبتكر وتخترع من أجل الآخرين والدفاع عنهم وحماية الإنسانية.

اليوم عندما نتذكر ونتأمل قليلاً سنجد أن أغلب الابتكارات والاختراعات التي أحدثت تحولاً في الإنسانية والأرض أتت من الأزمات والحروب والكوارث وكثيراً من الجيوش المتقدمة لديها مراكز أبحاث متقدمة وسرية في كل العلوم كنوع من استباق الأحداث والأخطار بل وصل الأمر إلى مراحل متقدمة من التنبؤ والخيال العلمي لسنوات متقدمة.

اليوم أحداث فيروس كورونا ينطبق عليها مثل رب ضارة نافعة فقد فتحت أعيننا للكثير من الفرص وعززت أهمية مبادرات التحول لتعزيز المحتوى المحلي ولفتت انتباهنا نحو أهمية السلوك في الاقتصاد أو ما نسميه الاقتصاد السلوكي ناهيك عن تغيير مفاهيمنا نحو الإنتاجية والعمل التقليدي وجربنا دون خوف العمل المرن وبيئة العمل المرنة والعمل عن بعد والعمل الإلكتروني وأهمية إدارة المخاطر والبدائل والخيارات المختلفة والخطط البديلة وإدارة الأزمات والكوارث والأوبئة وعززت سلوكيات الصحة العامة والعمل الجماعي والتوحد والوطنية في مجابهة الأخطار وأصبحنا نستطيع تقييم البنية التحتية والمخزون بشكل عملي وواقعي وأدركنا أين نقاط القوة والضعف في أي منظومة عمل أو إمكانات وحتى القدرات واختبرنا آليات صناعة واتخاذ القرار في الكثير من الأمور سواء اقتصادية أو اجتماعية وحتى الصحية.. من جهة أخرى كشفت الأحداث تجار الأزمات والعواطف والانفعالات وكيف استغلوا حاجات الناس وقلقهم ومخاوفهم على حياتهم ليدفعوهم نحو الشراء المذعور والمزيد من الاستهلاك غير المنطقي.

اليوم أمامنا العديد من الفرص الإيجابية والتحديات في ظل هذه الأزمة مما يتطلب أن نستثمرها بشكل جيد سواء على المستوى الشخصي أو العام فعلى الصعيد الشخصي هناك العديد من العادات والسلوكيات غير الإيجابية التي يمكن التخلي عنها أثناء الجلوس بالبيت وأيضا تبني عادات جديدة سواء شخصية أو اجتماعية ربما كان من الصعب القيام بها في السابق وهذه الفرصة من أهم الفرص لكسر نمطية العادات السلوكية السلبية وابتكار حلول أخرى أكثر إيجابية.