محمد الرشيدي

في أواخر العام 1990 بعد الغزو العراقي على الكويت، واجه جيلنا فترة عصيبة بكل ما تعنيه الكلمة، أخطر أمر واجهنا هو انتشار الإشاعات، كانت توزع علينا منشورات تحمل تخويفا وكذبا ويتفنن الكثيرون بنقلها عن حسن نية، لم تكن هناك وسائل تواصل اجتماعي كما هو الآن، كنا نصل لمرحلة الرعب عند انطلاق صافرات الإنذار، خوفا من الصواريخ التي كانت تستهدف الرياض، وكان لها بالمرصاد أبطال الدفاعات الجوية، ولكن كان الشعور مع بداية الاعتداءات علينا، أن صواريخ "سكود" العراقية تحمل في رؤوسها مواد كيميائية، تقتل الجميع وتثير الفزع، كانت هذه الإشاعات مميتة بالنسبة لنا.

ولم تكن هناك قنوات تلفزيونية وإنما الكثير كان يركز على الإذاعة، "بي بي سي" العربية وجملتها الشهيرة "هنا لندن" الأكثر في بث الترويع والإشاعات بطريقة احترافية، من حيث التشكيك بالقدرات العسكرية وتضخيم الأعداء، والاعتماد على محللين عسكريين واستراتيجيين لهم أهداف ومآرب أخرى، كانت تلك الفترة مرحلة صعبة، ولكن الإعلام السعودي ممثلا بالتلفزيون والصحف خصوصا، كانوا بالمرصاد وكانوا شفافين في تغطيات تلك الأحداث، مما قلل كثيرا من تأثيرات الإشاعات وحتى في مجال الأغنية السعودية كانت لها وقفات شجاعة وقوية من خلال الأغاني الوطنية التي بقيت خالدة حتى يومنا الحاضر.

ما دعاني أتطرق لهذا الأمر، ما نعانيه حاليا مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي من انتشار لظواهر عديدة، أعتبر من أخطرها استغلال البعض للأزمة التي نعيشها بانتشار فيروس "كوفيد 19" أو "كورونا المستجد"، والتكسب لتحقيق شعبية بين الجمهور العادي، فتجد أن الجميع يتحدث عن أزمة صحية وتوجه دولة بالكامل للحفاظ على سلامة الجميع، وهؤلاء يحاولون البحث عن إلغاء قروض أو رسوم أو غير ذلك من الأمور التي تستغل بطريقة بدائية، نعم المجتمع يستحق الكثير، في بدايتها التوعية والوقفة الصادقة التي تحافظ على سلامتهم.

الأمر ليس البحث عن بطولات على حساب الأحداث التي نعيشها، المجتمع ليس بحاجة للتأجيج والتلاعب بالأمور الحساسة التي تمسه، الدولة -ولله الحمد- كفلت الكثير من الحقوق التي ساهمت في دفع العملية الاقتصادية رغم الظروف الحالية، لذلك أخطر جريمة ممكن أن يقترفها البعض مع رواد الإشاعات، محاولة تأجيج المجتمع على بعض القطاعات الحيوية بالدولة، ومطالبتها بأمور ليست مجالا بالوقت الحاضر للنقاش فيها، الجميع يحتاج التوعية والتوعية فقط، والحافظ رب العالمين، فنحن في بلادنا مررنا بظروف أصعب وخصوصا أثناء حرب الخليج ولكن تجاوزناها -ولله الحمد-، وسنتجاوز هذه المرحلة بإذن الله.