عبدالكريم الحمد

واقعٌ مرّ تجرعه عشّاق كرة القدم بعد توقف جميع منافسات «اللعبة الشعبية الأولى» على مستوى دول العالم في ظل أزمة (فايروس كورونا) الراهنة، حيث خيّم الظلام بانطفاء مصابيح ملاعب كرة القدم التي طالما أشعلت قلوب مرتاديها ومتابعيها حماساً وتفاعلاً، ولطالما كانت مادةً دسمة لوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وما تخلقه من ضجة وأحداثاً لا تنتهي سواء على المستطيل الأخضر أو خارجه من ردات فعل وانتصارات وانكسارات وتصريحات وأخبار انتقالات وقرارات.

سنوات وسنوات مضت انتصرت خلالها كرة القدم على كثير من المجالات في المجتمعات، حتى أصبحت أكثر من مجرد ترفيه، فباتت صناعة وعجلة اقتصاد عالمية تحظى ببالغ الأهمية في عالم المال والشركات أيضاً، بل تعدى الحال إلى أن أصبحت واجهة حضارية تتفاخر بها كثير من البلدان المتفوقة كروياً كأداة تعكس واقع التحضّر والتفوق والتطور، حيث كان ذلك واضحاً وجلياً عبر حرص زعماء ورؤساء البلدان بالحضور لافتتاحيات ونهائيات البطولات القارية وكأس العالم للمنتخبات مما يُثبت مكانة كرة القدم لدى الحكومات وليس فقط الشعب.

حلّ وباء (فايروس كورونا) فجأة ودون سابق إنذار ليحكم سيطرته بانتصار لم يسبقه به أحد وهو إيقاف ركل المستديرة في كافة ملاعب العالم وفي جميع البطولات صغيرها وكبيرة، وسط ذهول وصدمة لم يتوقعها أكثر المتشائمين في سابقة هي الأولى من نوعها، فمنذ أن عرف العالم كرة القدم بعد أن سنّ الإنجليز عام 1862 القوانين الأولى للعبة لم يشهد منذ ذلك الحين انقطاعاً لكرة القدم، وبقيت اللعبة قائمة ودائمة بمبارياتها وبطولاتها طوال تلك السنين، حتى الحربين العالميتين الأولى والثانية لم تنجح أي منهما في إيقافها، ولا حتى الكوارث والأزمات البيئية والأوبئة مثل (الإيدز وإيبولا وسارس وإنفلونزا الطيور والخنازير) استطاعت أيضاً إيقافها.

ليثبت (فايروس كورونا) بأنه خصم شرس أدخل الرياضة العالمية في غيبوبة ولا يُعرف بعد موعد الخروج منها ولا مصيرها، لكن الأكيد أن عشّاق كرة القدم حُرموا من متنفسهم بسبب هذا الفيروس الذي يواصل انتشاره بشكل سريع، وسط قلق من مصير البطولات القارية الكبرى والدوريات الكبرى التي تلقى جدلاً كبيراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي الصحف العالمية، باعتبار أن لا تاريخَ محدداً لعودتها، والتي عُلّق معظمها «حتى إشعار آخر»، إلاّ أن عزاءهم الوحيد في هذه الحالة هو اتباع قاعدة (الوقاية خير من العلاج).

قبل الختام

فايروس كورونا لم ينتصر فقط على كرة القدم، بل بات من المؤكد أنه سيُحدث تغييراً في الخارطة المالية للعبة حتى بعد عودتها، مليارات الدولارات توقف تدفقها على المنظومة الكروية من رعايات وارتباطات نقدية وعقود، مما يُنبئ عن انخفاض مالي متوقع في الفترة المقبلة حتى تتعافى ميزانيات الاتحادات والأندية، أو قد يستمر الانخفاض باعتبار الأزمة (فترة تصحيحية إيجابية) لعقود لاعبين ومدربين عانقت مئات ملايين الدولارات.