عبدالمحسن جمعة

أزمة "كورونا" تتفاعل، وتتصدّر المشهد إحصاءات المصابين والوفيات، وجهود مختبرات الأدوية لإنتاج دواء شافٍ للمرض ولقاح واقٍ منه، في ظل انهيار أنظمة صحية متطورة في دول تعتبر من الصف الأول اقتصادياً.

ونتيجة لذلك، فإن أهم ضحايا فيروس كورونا، بعد الأرواح التي أُزهقت، هو النظام الرأسمالي المنفلت الذي ظهرت صورته القبيحة مرة أخرى من خلال النظام الصحي الذي دمّرته الخصخصة، وجعلته نظاماً يبحث عن المجالات الربحية، لا الوقاية وإنقاذ الأرواح، مما دفع عدة دول أوروبية إلى تأميم القطاعات الصحية الخاصة بالقوة، إذا استلزم الأمر.

عندما وقع وباء الكوليرا في سبعينيات القرن الماضي وقبل ذلك، استطاعت القوى الصحية الحكومية، قبل "هوجة الخصخصة"، احتواءه، بينما يموت حالياً الإيطالي الذي تجاوز خمسة وستين عاماً لعدم توفير جهاز تنفُّس صناعي له، ومنحه لمن هو أقل سناً!

الصين رغم خطيئتها وتسبُّبها في انتشار الوباء، إلا أن نظامها الصحي لم ينهر، وكذلك الدول ذات الديمقراطية الاجتماعية، مثل: النرويج والسويد والدنمارك وفنلندا وسنغافورة، بينما ينتظر النظام الصحي الربحي الأميركي وأمثاله وقائع قبيحة ستتحمّلها الشعوب هناك.

فيروس كورونا وجّه صفعة قوية للعولمة والرأسمالية المنفلتة التي تركّز الثروات في أيدي أقليّات لا تتحمل أي مسؤوليات اجتماعية، وهو ما يشي بأن هناك إرهاصات لنظم سياسية واقتصادية جديدة ستولد، وستغيّر وجه العالم خلال السنوات القليلة المقبلة.