لم تمض أشهرٌ قليلة على تكليف الصربي إيفانوفيتش للإشراف الفني على المنتخب الوطني، حتى جاءت إقالته السريعة، دون أن يخوض أية مهمة رسمية مع «الأبيض». ولعل اكتمال أركان البيت الكروي، وتشكيل لجانه المختلفة، قد جاءت في اتجاهٍ مخالف عن التصورات والخطط السابقة لأعضاء اللجنة المؤقتة، التي سيرت أمور الاتحاد فترة محددة، قبل أن تتغير الأحوال بقدوم الوجوه الجديدة، التي يبدو، وكأنها تُفكر بمنظورٍ مغاير، وتتطلع إلى منهجية فنية متوائمة مع توجهات وظروف المرحلة الراهنة.

بغض النظر عن شخص وهوية المدرب، إلا أنه يبقى فرداً في المنظومة التي يُبنى نجاحها على انسجام في الفكر، والتقاء بالهدف والطموح، حيث إن المعطيات هي سيدة المعادلة، وهي من يحدد شكل ونوع المخرجات المطلوبة من كل مرحلة، فمهما كان حجم الخطط وآلية تسييرها، إلا أنها تبقى مبتغى نظرياً، ما لم يكن هناك معيار يقيس جانبها العملي والتشغيلي، قياساً على المستوى والعطاء ثم النتائج.

البعض يعتقد أن الوصول إلى منصة الاتحاد، والجلوس على طاولته خطوة لفرض النظام وتطبيق القرار، معتقداً أن الطريق ممهد، سهل التضاريس، ومفروش بالحرير، رغم الصعوبات والتحديات التي تعتريه، وتكون سبباً في خلخلة الموازين وتمييع القرارات، بل إنها قد تكون مفاجأة وصدمة أحياناً للبعض منهم، خصوصاً عندما تنقشع الضبابية، وتتمايز فيها صفوف القوة والنفوذ عن تلك التي تقع في هامش الظل، وتُحركها بنود الموانع والقيود.

نجاح المجموعة مرتهنٌ بانضباط والتزام العنصر المهم من اللاعبين في محيطها، إضافة إلى مساحة القوة والتأثير التي ستتملكها على أرض الواقع. لذلك غادر ايفانوفيتش وسيأتي بديله، فما الجديد هنا؟

كم من الأسماء حضرت ورحلت، وبقي الوضع يتموج بين تيارٍ ودوامة، لا مخرج لها سوى تنقيح السياسة، وتصفية النوايا، ثم تقوية أجنحة الاتحاد المشلولة، بحيث تكون له الصلاحية في إنعاش حضوره وتفعيل وجوده، كون الصرامة والمرونة وجهين لعملة، يستحيل شطرها إلى نصفين، ولا يستقيم العمل دونهما، فالتعامل مع الأحداث والمتغيرات يكون بإدارتها من خلال مفهوم السلطة الحازمة، دون تمييزٍ للون أو محاباةٍ لطرف، لاسيما أن عناصر اللعبة من أندية ولاعبين وإداريين، متفقون على قاعدة «كلنا سواسية لخدمة المنتخب». لذا فإن الهوية والشخصية لن تخرجا من تحت عباءة التصريحات والوعود، بقدر ما تكون نتاج عملٍ وإخلاص وتجردٍ من ألوان وأسماء!