هناك مثل دارج يقول (ضربني وبكى سبقني واشتكى) وهذا ما ينطبق تمامًا مع التصرف الروسي الأخير الذي تم في أعقاب آخر اجتماع للدول المصدرة للبترول (أوبك)، عندما حمّلت روسيا المملكة ما يحدث في أسواق النفط من تراجع في الأسعار، وزيادة المخزونات العالمية، وهي –روسيا- كانت الطرف الوحيد المعارض للتخفيض، أما فيما يختص بالمملكة فلقد بذلت جهودًا كبيرة مع دول (أوبك +) للحد من وجود فوائض في السوق البترولية بالنظر لانخفاض نمو الاقتصاد العالمي، وقد قوبل هذا الاقتراح الذي طرحته المملكة بالترحيب ووافقت عليه (٢٨) دولة، إلا أنه لم يلق قبولًا من الطرف الروسي، وزاد على ذلك خروج وزير الطاقة الروسي للإعلام بتصريح قال فيه: (إن الدول في حل من التزاماتها اعتبارًا من أبريل الجاري) الأمر الذي دعا إلى زيادة الدول في انتاجها لمقابلة انخفاض الأسعار لتعويض النقص في الإيرادات.

أين الاستقرار الذي تحدث عنه الرئيس الروسي (بوتين) وتأكيده بأن روسيا لطالما فرضت الاستقرار على المدى الطويل في سوق النفط ومراعاة صالح المنتجين والمستهلكين وهي ترفض التخفيض وتسعى إلى تضخيم الأسعار؟!، وفي الحقيقة هي لا تريد سوى أن تحافظ على حصتها السوقية، مع عدم السماح للنفط الصخري في الولايات المتحدة بالنمو، وتتطلع إلى إغلاق الشركات الأمريكية لصناعة النفط من الصخر الزيتي والتي تعتمد بصورة كبيرة على أسعار أعلى للنفط في بحر من الخام ذي الأسعار الرخيصة .

فالاضطراب الذي يتحدث عنه الروس هم من صنعوه، وهم من سعوا إلى انهيار التحالف النفطي، بعد أن رفضوا اقتراح دول الأوبك على روسيا خفضًا إضافيًا في إنتاج النفط اليومي بهدف إيقاف انخفاض أسعار النفط عقب تراجع الطلب العالمي، ولا يستبعد بأنهم كانوا يخططون لهذا الرفض ويبيتون النية لإفشال الاجتماع السابق، حيث صرح وزير طاقتهم (الكسندر نوفاك) بأن روسيا لم تحدد بعد من مستقبل خفض الإنتاج (أوبك +)، مشيرًا إلى عدم وجود سبب لتقريب موعد اجتماع الدول المشاركة في اتفاق (أوبك +) والذي كان مقررًا في ٤ مارس الماضي في الوقت الذي أوصت فيه اللجنة الفنية للدول المشاركة فيه اتفاق (أوبك +) بضرورة تمديد تخفيضات الإنتاج حتى نهاية العام الجاري.

لا يمكن لروسيا أن تزيف الحقائق وهناك دول عديدة مشاركة في هذا المشهد وتعلم يقينًا أن الدعوة للتخفيض كانت اقتراحًا سعوديًا، وأن الرفض جاء من قبل الروس، والكل يدرك بأن المملكة تعمل دومًا على توازن السوق واستقرارها بما يخدم المنتجين والمستهلكين، وهاهي تعطي الفرصة من جديد وتفتح ذراعيها- كما قال الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة- لمن يرغب في إيجاد حلول، وتؤكد حرصها على مصالح منتجي النفط ومستهلكيه، ولابد أن يدرك الروس بأن مسألة التخفيض مسألة جوهرية في الاجتماع القادم تفرضها الظروف الحالية التي يمر بها العالم.