المجتمع الدولي لا يمكنه تجاهل التحديين اللذين يهداننا جميعاً: أزمة مناخ الكوكب وخطر حرب نووية

نحن لسنا الآن في ذروة صراع ضد وباء سريع الانتشار فحسب؛ بل إننا أيضاً عند لحظة حرجة في الجهود المستمرة منذ زمن طويل؛ من أجل كبح خطر حرب نووية وإزالة أسلحة الدمار؛ إذ إن توترات تحتدم بين دول مسلحة نووياً في العالم، وخطر استخدام أسلحة نووية يتزايد، ومليارات الدولارات تنفق؛ من أجل تطوير أسلحة نووية جديدة أكثر قوة من سابقاتها، والاتفاقات التي كبحت التنافس النووي معرضة الآن لخطر الانهيار.

وخلال جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي حول مسائل الأسلحة النووية في فبراير/شباط، حذرت الممثلة السامية لشؤون نزع السلاح اليابانية إيزومي ناكاميتسو من أن «علاقات بين دول، خصوصاً دول مسلحة نووياً، تتصدع، وشبح تنافس نووي يلوح لأول مرة منذ السبعينات، ونزاعات إقليمية ذات أبعاد نووية تتفاقم، في حين أن تحديات الانتشار النووي لا تنحسر».

إن إحدى أهم المقاربات لإبعاد العالم عن شفير الهاوية النووية ستكون موافقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على اقتراح روسيا تمديد أمد المعاهدة الوحيدة المتبقية التي تضع حدوداً لأكبر ترسانتين نوويتين في العالم (هي معاهدة «نيوستارت»، أو معاهدة ستارت الجديدة الموقعة في عام 2010 والتي ينتهي أمدها في 2021) لمدة خمس سنوات، ثم التفاوض حول نظام جديد أكثر شمولاً؛ للحد من التسلح النووي في المستقبل.

وما من شيء سوف يتناقض مع مواقف الرأي العام على الصعيدين الوطني والعالمي - وحتى مع المصلحة القومية للولايات المتحدة ذاتها - أكثر من فتح الباب أمام سباق تسلح نووي مكلف في خضم وباء مهلك.

ومعاهدة «نيوستارت» تتضمن آليات للتحقق من الالتزام بها، وهي تضع حداً أقصى لترسانة الأسلحة النووية الاستراتيجية لكل من الدولتين، وهو 1550 سلاحاً نووياً و700 منصة إطلاق ( صاروخ أو طائرة قاذفة ). وقد كانت المعاهدة ولا تزال ملائمة للطرفين. وتظهر آخر معطيات تبادل المعلومات بين القوتين ( وفقاً للمعاهدة ) أن روسيا لديها الآن 1326 رأساً نووياً حربياً و485 منصة إطلاق، في حين أن الولايات المتحدة تنشر 1273 رأساً نووياً حربياً و655 منصة إطلاق.

غير أن أمد معاهدة «نيوستارت» سوف ينتهي في 5 فبراير/شباط 2021، إلا إذا اتفق قادة الولايات المتحدة وروسيا على تمديده. وبموجب المعاهدة ذاتها، يمكنهم تمديد أمدها لفترة تصل إلى خمس سنوات.

ولكن حتى الآن، لا تزال إدارة ترامب تتردد بشأن اتخاذ قرار، وقد رفضت الدخول في مناقشات مع روسيا حول تمديد أمد المعاهدة، قائلة: إنه لا يزال هناك وقت كافٍ لذلك. غير أن المسؤولين الروس يختلفون مع الموقف الأمريكي.

وفي الواقع، تردد الولايات المتحدة مقلق للغاية، خصوصاً وأن إدارة ترامب أظهرت استعداداً للانسحاب من اتفاقات أخرى للحد من خطر نزاع نووي، بما فيها معاهدة القوات النووية متوسطة المدى. وتفيد تقارير وسائل الإعلام الأمريكية أن إدارة ترامب مصممة أيضاً على الانسحاب من طرف واحد من معاهدة السموات المفتوحة، أو الأجواء المفتوحة، التي تسمح بوجود طائرات مراقبة غير مسلحة للاستكشاف في أجواء الدول الأطراف في المعاهدة ( وعددها حالياً 32 دولة ).

ومع ذلك، قال الرئيس ترامب في أكثر من مناسبة إنه يريد تقليل الخطر النووي وتجنب سباق تسلح مكلف. وفي العام الماضي، قال: «نحن وروسيا والصين نصنع جميعا أسلحة، بما فيها نووية، تكلف مئات مليارات الدولارات. وهذا أمر سخيف».

نعم، إنه أمر سخيف. ولكن في فبراير الفائت، اقترح البيت الأبيض على الكونجرس زيادة في إنفاق أموال دافعي الضرائب بنسبة 19% - من 37،3 مليار دولار في السنة المالية 2020 إلى 44 ملياراً في السنة المالية 2021 - من أجل تحديث الترسانة النووية الأمريكية. وروسيا أيضاً تقوم بعملية مكلفة لتحديث قواتها النووية، وهي مصممة على مضارعة الولايات المتحدة.

والحقيقة أنه لايمكن لأيا منهما أن يفوز في سباق تسلح نووي مكلف ومزعزع للاستقرار.