في هذا الوقت العصيب الذي تنشغل فيه كل دول العالم بوباء كورونا، وضع الشعب اللبناني هذا الملف جانباً لينشغل بملف أهم هو ملف لقمة العيش واستمرار الحياة بأبسط ضروراتها بعد أن أصبحت معاناة يومية شاقة لكل شرائح الشعب عدا الشريحة التي تتحكم في مقدرات البلد من بارونات السياسة والمال والأعمال، فقد قام اللبنانيون في مدينة طرابلس يوم أمس بإحراق أكثر من مصرف احتجاجاً على الأوضاع التي وصلت حد الانهيار.

والحديث عن لبنان بقدر ما هو تعاطف مع شعبه المنكوب، فإنه أيضاً لضرب المثل على سوء منقلب السياسة الرعناء التي تقامر بالأوطان بحماقة شديدة وتحرقها في مزاد سياسي رديء يكتوي بناره المواطن الذي يطمح للحياة الكريمة. فقد كان لبنان نموذجاً جميلاً للبلد المتطور المستقر القوي اقتصادياً، وكان مقصد رجال الأعمال والسياح الذين يضخون في شرايينه أموالاً ضخمة. كان لبنان بخير عندما كان جزءاً من محيطه العربي، وكانت علاقته طيبة مع دول الخليج والمملكة على وجه الخصوص، التي كانت تدعمه بلا حدود أو شروط.

للأسف سقط لبنان في براثن سياسيين كثير جداً عليهم أن يديروا شأن لبنان. بعد الزعامات السياسية اللبنانية الكبيرة أصبحت مقاليده في أيدي طفيليات ونكرات وعصابات يدارون من الخارج كالدمى، أغرقوا لبنان في أزمات متتالية لا قبل له بها، وجعلوه معزولاً بسبب مواقف وقرارات سياسية رديئة، وضربوا اقتصاده ضربات قاتلة. لقد قامر ساسة لبنان المتنفذون في مؤسسة الحكم والمتحالفون مع حزب الله الإرهابي الإيراني بمصير لبنان مقامرة غبية ورهنوا الشعب للمعاناة القاسية، فلم يكن بوسعه سوى ممارسة حقه في الاحتجاج على الذين باعوه لأجل مكاسبهم الذاتية اللعينة.

لبنان درس بليغ في السياسة، قارنوا بين أوضاعه عندما كانت يده في يد المملكة وأشقائها، وأوضاعه الآن بعد أن أصبح يدور في فلك نظام ملالي الخراب. اللهم أعن الشعب اللبناني المغلوب على أمره.