خالد الطراح

لا شك في أن بوابة التعليم هي الأساس نحو تحقيق كل الإصلاحات وفي مختلف ميادين الحياة الرئيسية، فمن نافذة التعليم يمكن الانطلاق بالإصلاح الشامل.

كلما ارتقى مستوى التعليم من خلال مناهج هادفة تواكب التحديات والاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، يمكن خلق جمهور من أولياء الأمور وطلبة ومعلمين أيضاً من المؤيدين لتطوير مناهج وسياسات التعليم للمصلحة العامة. مناهج التعليم في الدولة هي من الركائز الأساسية التي تتطلب تطويراً وتحديثاً مستمراً، وكذلك النظم التربوية والإدارة المدرسية وتنظيم علاقة الطالب مع المعلم من أجل القضاء على التلقين.

لدينا قصور في مناهج التعليم، ولدينا أيضاً عقود لم تستفد منها وزارة التربية، كالاتفاقية مع البنك الدولي بقيمة ما يقارب 45 مليون دولار، بسبب تأثر القرار التربوي بالضغط السياسي! مشروع كهذا يفترض أن يتم تقسيمه على مراحل وليس الانتظار إلى اكتمال كل أجزائه ومن ثم ترجمة التقارير من اللغة الإنكليزية إلى العربية، حيث هناك جوانب تستلزم الحلول التدريجية، بغض النظر عن مصدر التطوير، فقضية تطوير التعليم أصبحت ملحة جداً لإنقاذ المستوى التربوي الذي هبط إلى مستويات متدنية (شبيه بدول فقيرة) وفقاً لتقارير علمية.

هناك جوانب منهجية في التاريخ والسياسة والاقتصاد والدين تتطلب إصلاحاً وتطويراً من أجل تحقيق إصلاح شامل يخدم المجتمع اليوم ومستقبلاً، حيث يلاحظ أن أجزاء تاريخية كالغزو تم اجتزاؤها وكذلك مناهج كالتاريخ والتربية الإسلامية لم تأخذ حقها في عملية التحديث!

الديموقراطية الكويتية أيضاً ينبغي أن تكون منهجاً قائماً بذاته، خصوصاً في دولة دستور مكتوب، فمن خلال بوابة التعليم ممكن إنقاذ الديموقراطية مما تواجهه من تعثر عبر نشر الوعي بالواجبات الوطنية والحقوق الدستورية بلغة مبسطة تحاكي عقول الأطفال والشباب أيضاً حتى تتولد قناعات لدى هذه الفئات للنهوض بالدولة على كل المستويات. وكذلك الحال في التنمية، فالقضاء على ثقافة الاستهلاك والاتكال على الحكومة لا يتم من خلال بيانات وزارية، بل يتحقق من خلال شراكة متساوية بين المدرسة والمجتمع.

ليس المطلوب ثورة تعليمية أو انقلاباً تربوياً، وإنما المطلوب تطوير وتحديث للمناهج وحملات إعلامية تسبق التنفيذ حتى يصبح النجاح ممكناً من خلال قاعدة جماهيرية داعمة للإصلاح التعليمي تمهيداً لإصلاح شامل. ملفات كثيرة تعثرت بسبب غياب القرار الحكومي الشجاع والعزيمة في التنفيذ ولم يعد الوقت يسعف لمزيد من التأجيل والتأخير، فـ«حضارة الصفر» يجب أن تحذف من قاموس العمل الحكومي!

ونتيجة هذا التردد بات هناك جيل لا يعرف أن هناك جماعات كويتية من الشباب والكبار انتمت إلى «القاعدة» و«داعش» بسبب الغلو والتشدد الديني، وأصبحت لدينا بيوت يتيمة من ضحايا الإرهاب الفكري! Volume 0% «لن تنبعث شرارة الإصلاح الحقيقي في وسط هذا الظلام الحالك، إلا إذا تعلمت الشعوب العربية وعرفت حقوقها، ودافعت عنها بالثورة القائمة على العلم والعقل» (جمال الدين الأفغاني).