في الثلاثين من أبريل من كل عام تحتفل ايران بما تسميه «يوم الخليج الفارسي»، وهو تقليد قديم ابتدعه إسماعيل الصفوي قبل قرون، وواصلت ايران خميني وايران خامنئي الاحتفال به وبإحيائه بطريقة استفزازية ينتهز فيها كهنة النظام «المناسبة» لكشف أطماعهم التوسعية في المنطقة وفي البحرين.

من تابع تصريحات خامنئي بهذا اليوم المنتحل سيلاحظ تماديه واستغراقه في تحريض الايرانيين على استيطان منطقة الخليج العربي وفق برمجةٍ ومنهجية تشابه تمامًا برمجة ومنهجية الصهاينة في التمدد وفرض واقع الاستيطان من خلال بناء مزيدٍ من المستوطنات وضخ سكانٍ صهاينة متشددين اليها.

فخامنئي في هذا اليوم أمر ببدء البناء في جزر الخليج العربي «وهو ما صرح به قائد القوة البحرية للحرس الثوري علي رضا تنجسيري، والبناء يعني بناء مستوطنات فارسية صرفة في مناطق الجزر العربية المعروفة في سواحل الخليج العربي والتي تفرض عليها ايران سلطتها، وتسعى لتغيير التركيبة السكانية فيها بتفريسها وإغراقها بالمستوطنين الفرس من جهة وإخلائها بشتى السبل من سكانها العرب الأصليين وبتهجيرهم منها وتشتيتهم.

وأضاف تنجسيري فقال إن المرشد «يتعصب لفارسية الخليج» فهل هناك من يشكك؟؟.

وعاد تنجسيري هذا ومن موقعه كقائد للقوات البحرية الايرانية لتكرار الادعاءات الباطلة حول البحرين مضيفًا لها هذه المرة الكويت بإدراجها في مطالبته.

وهي تصريحات تكشف او بالأدق تؤكد الأطماع الخمينية في المنطقة بمشروع التوسع وبثقافة الاستعمار والاستحواذ، رغم ما نصت عليه المواثيق الدولية والمجتمع الدولي والقوانين والأعراف التي يحتكم إليها العالم المتحضر.

ومثل هذه التصريحات المكررة من نظام خميني والتي يستنكرها ويرفضها شعبنا باتت اليوم مجرد فرقعات إعلامية وتحريضات مفهومة للخلايا الايرانية العميلة النائمة في المنطقة لزعزعة أمن هذه البلدان العربية وإقلاق مواطنيها ونشر الفوضى بينهم.

لكننا سنتكلم هنا عن نقطة واحدة فقط مؤجِلين الباقي إلى وقت آخر، وهو ما لاحظناه من صمتٍ مخجل من مجموعة القومجيين العرب الذين اختاروا شعار «اعمل نفسك ميت» أمام احتفال النظام الايراني بيوم «الخليج الفارسي» فلم ينبسوا ببنت شفةٍ وكأنهم موافقون صمتًا على هذه الاحتفالية، ومن ثم فإن الخليج هو«خليج فارسي» بما ترمز له التسمية من دلالات جيوسياسية خطيرة اذا ما لزمنا الصمت عن تعميم هذه التسمية فهي خطوة ستتلوها خطوات أخطر في مشروع التوسع والاستيطان والاحتلال قسرًا.

ونحن هنا نرد بحسم وحزم على من قال «تسمية الخليج أيًا كانت لا تمنح حقوقًا لأحدٍ دون الآخر»!!.

عجبي من السياسي حين يبرر تنازله في خطوة لتنازلات أخرى لمشروعٍ فارسي توسعي يعلم به علم اليقين كونه قوميًا عربيًا قديمًا قرأ أدبيات القوميين ونشأ عليها منذ نعومة أظافره السياسية.

وأسلوب مسك العصا من الوسط كما يمارسه حين يعارض تصريحات قائد القوة البحرية الايرانية بشأن البحرين، لكنه لا يعارض في إطلاق التسمية التي تروق لايران على الخليج العربي، وكأنه يغلق الباب ليفتح لهم النافذة، وهم وشطارتهم للتسلل والتوغل والتوسع..!

ولعلنا هنا نذكره بمكر التاريخ عند هيغل، وبالنتيجة لن نسمح لأحدٍ كائنًا من كان او لنظام أي نظام أن يمكر بتاريخنا العربي في المنطقة ويسمي خليجنا العربي «على كيفه»، ويحسب أجندته السياسية ذات الأطماع في التهام المنطقة العربية، وما حدث لجزر أبو موسى وطنب الكبرى، وطنب الصغرى مازال طازجًا في الذاكرة العربية التي لم تخترقها نظرية الولي الفقيه كما اخترقت ذاكرة بعض القوميين العرب للأسف.

وإذا احتكمنا لذاكرة شعوب المنطقة منذ بداية تكوينها السياسي فسنقف على حقيقة رفضها تغيير او تبديل تسمية خليجنا العربي بغير العربي مهما حاول السياسيون المتحذلقون اللعب على الحبلين بمنطق العملة ذات الوجهين.