حيرتنا وكالات التصنيف الائتماني العالمية في تقاريرها التي تُعدها، سواء عن الدول أو المؤسسات، أو بتكليف مدفوع الأجر من قبل المؤسسات التي تطلب تصنيفها، أو تلك التي تُعدها مجاناً وإن لم يُطلب منها ذلك، في إطار خدماتها التي تقدمها للمستثمرين.

نتحدث هنا عن «موديز» و«إس آند بي» و«فيتش»، فهذه الوكالات بعد أن كانت «متراخية» في تقييماتها، للحصول على عملاء في إطار التنافس بينها قبل أزمة «كورونا»، أصبحت الآن أكثر حرصاً، لدرجة «التشدد» في تقييماتها ونظرتها إلى المؤسسات أو إلى اقتصادات الدول.

السبب يعود إلى أن تلك الوكالات بجيوش الكوادر والباحثين والمحاسبين الدوليين لديها، تكون «خيرة» في أيام الوفرة، وهو ما يجعلها تسارع عند أول منعطف إلى تعديل تصنيفها بشكل قاسٍ، وهي تجربة مرت بها في أزمة عام 2008، حيث لم تستطع أن تكشف الأزمة المالية العالمية.

هذه الوكالات وبعد أن ألقى الجميع من اقتصاديين وسياسيين باللائمة عليها سابقاً، تحول الحذر عندها في «كورونا» إلى «تشدد»، خوفاً من أي تساؤلات قد تطرح عليها مستقبلاً.

مناسبة الحديث عن تلك الوكالات هي التصنيفات التي باتت تُعدِّلها نزولاً، وبدرجات قاسية للمؤسسات العالمية خلال جائحة «كورونا» الحالية التي غطت العالم بأكمله، في الوقت الذي لا أحد يستطيع فيه أن يحدد المدة الزمنية المطلوبة للتغلب على هذه الأزمة العالمية، أو شكل العودة إلى النشاط، وسرعة أو تباطؤ القضاء على الفيروس.

في الإمارات خفضت بعض هذه الوكالات في الأيام الماضية التصنيفات الائتمانية لمؤسساتنا المصرفية والمالية والعقارية، وشمل التخفيض أيضاً تصنيفات بعض الحكومات المحلية السيادية، وهو أمر طبيعي في ضوء «كورونا» وتداعياته، لكن غير الطبيعي هو ما حاول البعض الترويج له عندنا، وفي الخارج لناحية تصوير الأمر وكأن الإمارات وحدها هي التي تضررت ب«كورونا»، في حين أن تخفيضات الوكالات كانت على المستوى العالمي، وشملت أقوى الاقتصادات غرباً وشرقاً.

نعم، تضررت الإمارات من تداعيات «كورونا»، ونعم ستتضرر أكثر قطاعات الأعمال إذا استمرت هذه الجائحة لفترة أطول، لكن هذا شأن العالم بأكمله، فيما يبقى اقتصاد الإمارات بمرونته وأساساته القوية، وقطاعه الخاص النشط، وبحكومته الملتزمة بدعمه، من بين الدول الأكثر قدرة على سرعة النهوض من هذه الكبوة على مستوى العالم.

وإذا كان من شأن خفض التصنيف الائتماني لشركة ما، ارتفاع تكلفة الإقراض، فإن تكاليف الإقراض عموماً منخفضة مع مرحلة الفائدة القريبة من الصفر، فيما يمكن أن يكون الإيجابي من التقارير أن تكون فرصة للشركات نفسها لوضع الأصبع على الجرح، والعمل على حل مشاكل ميزانياتها.