تتحضر السيدة لتنام وتستيقظ بماكياج كامل، وتظل بكامل أناقتها في حزنها وفرحها، في المطبخ أو في الحمام، في سهرة أو في مأتم، ويحدث أن تبكي بحرارة دون أن تنزل دمعة واحدة من عينيها، ومن شدة حقن خديها وجبينها وشفتيها بمواد متصلبة، لا نفهم هل هي حزينة أم سعيدة، فالمهم أن تكون جميلة. لا شيء يوحي في وجوه أغلب الممثلات العربيات أننا بخير، فقد زاد اهتمامهن بالشكل الخارجي، كما عادة مجتمعاتنا العربية في تلميع الأسطح وإهمال الأعماق. لكن الكارثة أين؟ إنها في امتداد البوتوكس وعمليات الشد غير الناجحة لوجوه بعض الممثلين الرجال، ولعلّ هذا سبب إضافي لفقدان الدراما العربية لكثير من التّعابير الحيّة والمعبِّرة لوجوه ممثليها.

نستطيع أن نقول إن الدراما الرمضانية فقدت ما تبقى من وجهها هذه السنة، سقط نجوم كبار من طوابق نجوميتهم العالية، وبات واضحاً أن الخلل أصبح ينبئ بالخطر على أكثر من صعيد، فيما منصة مثل نتفليكس تقدم مسلسلات من النوع الذي لا يضحك على عقل المشاهد تبسط سلطتها على المشهد الدرامي وتكتسح اهتمامنا.

لقد غرقنا مرة أخرى في أوحال المصطنع غير المقنع، بقصص باهتة جعلتنا نتساءل هل كُتّابها يعيشون معنا على هذا الكوكب أم أنهم في زيارة خاطفة لنا من كوكب آخر؟

بعض الأعمال جذبتنا من خلال حلقاتها الأولى، ثم انطفأ بريقها بسبب تعقيدات ابتكرها كتابها لإبهارنا، مثل مسلسل النّحات، الذي استنفذ طاقة ممثليه في متاهة درامية رديئة، جعل العمل كله يصبح محرقة لهم رغم قناعتنا أنهم كوكبة من الممثلين المتمكنين، ومثله مسلسل الساحر الذي جعل أحد عمالقة الدراما يقف مرة أخرى أمام صبيّة لا تعرف من التمثيل سوى أداء دور واحد حفظناه عن ظهر قلب...!

لقد تمنيت أن أجد عملاً واحداً، أُحْتُرِم فيه عقل المشاهد، لكن للأسف، بين أعمال التهريج، والأعمال المُسَيَّسة بشكل واضح، إلى تلك التي تعتقد أن مشكلات الطبقة الثرية تهم الشعوب العربية الفقيرة، لم أجد ما يجعلني أتابعه للآخر. وُزِّع هذا الهراء الدرامي على فضائيات لا تعد ولا تحصى، حتى إن إحدى القنوات الإخبارية فاجأتنا بعرضها لعمل تاريخي رديء لم نعرف مغزاه هل هو لتلميع سمعة نظام أو لدعم فكرة التعايش بين الطوائف فيما توجهها السياسي يقول عكس ذلك.

في كل هذا ينتصر الشر بشكل غير مقبول، وكأن كُتّاب الدراما منهزمون أمام واقع لا مفرّ من تقبله، هذا غير ما عرفته من بعض الأصدقاء من فرق التصوير، الذين اسْتُغِلٌّوا مثل العبيد، في ظروف سيئة أتمموا فيها التصوير، تحت ضغط الكورونا ومديوي الإنتاج غير الآبهين بأدنى شروط سلامتهم، مع مكافآت ضئيلة، كانت سبباً مباشراً لسلق هذه الأعمال ورميها في وجه المشاهد والسلام.