بدأ عدد من الدول التي كانت بؤراً لتفشي المرض التخطيط لعودة الحياة لطبيعتها، أو على الأقل لما يشبه الأوضاع السابقة لتفشي المرض. سئم الناس الحجر الصحي والإقامة الجبرية، ولم يعد الاقتصاد قادراً على تحمل العطل الذي أصاب تروسه، وأصبح من الملح عودة عجلة الحياة تدريجياً للدوران، بل أبعد من ذلك، أعلنت الدول التي تعتمد على السياحة كمصدر دخل أساسي أنها ترحب بعودة حذرة للسياح، رغم أنها لم تفصح بعد عن الطريقة التي تنوي استقبالهم بها مع إمكانية حملهم للفيروس وتسببهم بموجة ثانية قد تكون أشد ضراوة من الموجة الأولى.

الصورة مازالت غير واضحة، إلا أن خوض المغامرة على خطورتها يبدو أهون من تعطيل ذراع اقتصادية مهمة لتلك الدول، فقطاع الطيران والفنادق والمطاعم والمتاحف والوظائف المرتبطة بها أصبحت في وضع خطير جداً، وبات حتمياً اتخاذ قرار جريء لإنعاشها، أما الطريقة التي تتم من خلالها الموازنة بين استقبال السياح وما قد يحملونه من فيروسات، والمحافظة على سلامتهم أيضاً فهي تختلف من بلد إلى آخر.

بريطانيا مثلاً مازالت تخطط لفرض حجر صحي على القادمين لحين التأكد من سلامتهم، فيما تستعد دول أخرى مثل اليونان التي كانت تعاني من وضع اقتصادي خانق قبل الجائحة لاستقبال السياح من أنحاء العالم وفق خطة لا تضمن خلو الزائرين من المرض تماماً، لكنها تقلل من تلك الاحتمالية إلى حد كبير، حيث تتضمن الخطة الطلب من المسافر إجراء فحص للفيروس قبل 72 ساعة من الوصول إلى برها، وإبراز ما يثبت ذلك، كما تخطط لإجبار الجميع على ارتداء الكمامة طوال فترة وجودهم على أراضيها، بالإضافة لعدد من البروتوكولات التي تخفف خطورة تفشي الوباء إلى أقل حد ممكن.

من المتوقع أيضاً أن يحذو عدد من الدول التي تعول على السياحة حذو اليونان، فإيطاليا وإسبانيا وقائمة طويلة من الدول التي تعتمد على القطاع السياحي في دخلها بدأت في الإعلان عن خطط لاستقبال السياح وطلبت من العاملين في القطاع السياحي الاستعداد لضيوفهم.

هذا بالنسبة للوجهات، لكن ماذا عن السياح أنفسهم، وهل هم مستعدون لخوض المغامرة؟ بطبيعة الحال لن تكون المطارات مكتظة هذا العام، ولن تشهد تلك الدول تدفق موجات كبيرة من الزوار، لأسباب كثيرة منها أن الناس مازالت مسكونة بهاجس العدوى، ناهيك عن الأضرار المادية الكبيرة التي لحقت بالملايين من الناس وتركت أثراً سلبياً على قدرتهم المادية للصرف على كماليات مثل السياحة.

ولأن اللقاح في حال أثبت نجاحه لن يكون متوفراً قبل نهاية موسم الصيف، فإن التعويل لايزال على تطوير أجهزة الفحص السريعة التي تكتشف حامل الفيروس قبل أن يصبح معدياً، وتوفيرها في كافة المطارات لفحص المسافرين قبل الإقلاع وعند الوصول، ودون هذا الفحص سيظل السفر محصوراً على فئة قليلة من السياح الذين يتحلون بالجرأة وروح المغامرة وإدمان السفر.