من خلال مراحل العمل في الميدانين الإعلامي والسياسي، ترسخت معرفتي الى درجة اليقين بأن هناك من يعمل في مجالات وبلدان مختلفة لتحقيق أهداف معينة، وتبادل المصالح ايضا مع اطراف اخرى، الى جانب التكسب من جهات رسمية وغير رسمية.

فهناك افراد من جنسيات مختلفة بارعون في تبادل الحماية الخفية بعضهم لبعض، الى درجة ممارسة مهنة الدفاع الخفية لبعض الافراد والجماعات والتستر على غايات عبثية المضمون!

اصطدمت مع هذا الواقع قبل الغزو اثناء العمل في وكالة الانباء الكويتية (كونا)، حين كان بعض المحررين الفلسطينيين يتدافعون نحو إبراز كل الاخبار المتصلة بمنظمة التحرير الفلسطينية، كل بحسب توجهاته وانتمائه، فهناك من يتحمس لإبراز أخبار حركة فتح وآخرون لتنظيمات اخرى، على حساب اخبار محلية وعربية ودولية ايضا ذات اهمية خبرية.

كشف الغزو العراقي المستور والنوايا الدفينة، حين التحق عدد لا يستهان فيه من محرري «كونا» بصحيفة «النداء»، التي انطلقت من مطابع القبس بعد السيطرة لنظام المقبور صدام حسين على مقر الصحيفة، وتمت لاحقا ادانة هؤلاء بأحكام قضائية متفاوتة.

بعد مرور سنوات عليهم في السجن المركزي، صدر عفو عنهم ، ولكن دم هؤلاء ظل مرتبطاً بماضيهم، الى درجة اطلاق نيران صحافية على الكويت من منابر إعلامية مختلفة، بالتشويه تارة لقضية الاسرى والمفقودين الكويتيين وممارسة التضليل ايضا، وتارة اخرى بإطلاق المزاعم بالتعذيب للمساجين وعدم نزاهة وعدالة القضاء الكويتي!

بعدها ومن موقع عمل اعلامي آخر، تعرفت عن كثب على مأجورين آخرين من جنسيات عربية مختلفة، بينما الجنسيات الاجنبية في الصحافة الرصينة تعمل بمهنية وأعراف صحافية ليست محل شك او تأويل، وهو تعميم بالتأكيد لا يشمل الجميع.

من خلال متابعة الميدان الاعلامي، لابد من ادراك ان الشارع الصحافي الكويتي لا يختلف عن مثيله في بلدان اخرى ايضا، حيث يوجد من يعمل لمصلحة افراد وجهات كويتية وعربية وشخصيات رسمية وغير رسمية، خصوصا من قبل بعض الكتّاب والصحافيين، سواء داخل الكويت او خارجها، حيث يتم تبني الدفاع المستميت عن اهداف خبيثة ومسمومة في ظاهرها وباطنها!

بعض هؤلاء، نجدهم يتسابقون نحو اختلاق مواد صحافية لمصلحة بعض الشخصيات من اجل التقرب منهم كالوزراء والسفراء ايضا، خصوصا من يعمل في بلدان ذات اهمية للصحافي المهتم بترتيب شؤونه وشؤون غيره، والتكسب ايضا في آن واحد من هذه العلاقات لتحقيق مصالح شخصية، ليتم بالتالي اعتماد ونشر هذه المواد، حين تغيب الرقابة المهنية الدقيقة ويطغى الافراط بالثقة بمن يمارس الصحافة تحت عباءة المحامي الخفي!

لدي اصدقاء في الوسط الصحافي من المخضرمين الشرفاء، الذين كثيرا ما ينصحون بالحذر من التعامل مع هذا الوسط، الذي كان يطلق على من يعمل فيه سابقا بـ«المخبرين»، نتيجة لطبيعة العمل الذي كانوا ينجزونه والمطلوب منهم!