كانت دروس كورونا كثيرة ومفيدة من خلال تجربة قاسية عاشتها كل دول العالم. التجربة ذات جوانب إنسانية وطبية واجتماعية واقتصادية وأمنية وسياسية. كل دولة تعاملت مع وباء كورونا حسب ثقافتها وإمكاناتها وظروفها.

هل نستطيع الآن أن نستخدم صيغة الماضي ونقول: كان عندنا كورونا؟ وهل انتهى الوباء؟ هل زوال الخطر أو اكتشاف علاج أو لقاح يعني انتهاء أزمة كورونا، أو بالأصح نهاية أزمات العالم؟

سيخرج الناس من منازلهم، سينفتح العالم اقتصاديًا، ستفتح أماكن العبادة، سيعود السفر، ويترك الناس مطابخهم اشتياقًا إلى المطاعم والمقاهي، ستفتح الأسواق وتعود المعارض والفعاليات الثقافية والترفيهية واللقاءات الاجتماعية، سيعود الناس إلى مكاتبهم، ونأمل أن يعود من فقدوا وظائفهم إلى العمل من جديد. كل تلك أخبار جميلة ومفرحة. المفرح أكثر أن تكون الأولوية بعد زوال الأزمة إجراء دراسات علمية تغطي كل الجوانب المرتبطة بالأزمة من حيث المسببات والنتائج واقتراح التوصيات والحلول العملية المستقبلية وتحديد الأولويات والتغييرات المطلوبة تبعًا لنتائج تلك الدراسات.

إن زوال خطر الوباء فرصة لكل دول العالم لمراجعة أولوياتها ونمط حياتها وإمكانياتها الطبية ونظام الرعاية الصحية وقوة اقتصادها، وقدراتها الذاتية، وصناعاتها، ومستوى البنية التحتية، وظروفها الأمنية، وعلاقاتها الدولية، وسياستها الإعلامية.

دروس كورونا لن تنتهي بنهاية خطر الوباء، ولكنها البداية لمراجعة واستيعاب الدروس كخطوة ملحة لإحداث التغيير الذي تفرضه تلك الدروس.

سيتعين على الدول المقيدة بأنماط وتصنيفات مثل (الدول النامية) أن تتحرك وتنتقل إلى مراكز القيادة والنمو والتطور العلمي والصناعي. سيكون من المنطق أن تراجع الدول التي ترفع شعارات حقوق الإنسان أداءها الفعلي في هذا المجال سواء قبل كورونا أو بعده. عالم ما بعد كورونا يجب أن يتغير، الازدواجية والتناقض والإعلام الكاذب والتنمر الدولي والتطرف والعنصرية والاحتلال، كل ذلك يجب أن يكون من الماضي. هل أنا أحلم؟ وماذا لو كنت أحلم؟! كم من حلم تحول إلى حقيقة. دعونا نتفاءل بعالم جديد يعيش بأمن وسلام، عالم يتكاتف لمحاربة الفقر والجهل والأمراض والبطالة والحروب والمخدرات والإرهاب.

على العالم أن يقف أمام المرآة ويسأل: هل وباء كورونا سبب أم نتيجة؟ هل هو سبب لما آل إليه العالم من أزمات، أم هو نتيجة لما كان عليه العالم من أوضاع كارثية؟