خالد الطراح

لم تشهد الكويت وحدها جائحة كورونا، بل العالم اجمع، ولكن الفرق بين الكويت ودول اخرى يكمن بحجم وطبيعة التحديات والاستفادة من الدروس التي صاحبت تفشي الوباء العالمي.

فسرعان ما تسلل التناقض والتضارب في التصريحات والقرارات الرسمية ضمن حكومة واحدة، حتى بدا المشهد السياسي وكأن لدينا اكثر من حكومة! فقد سيطر التجاذب والتنافس وليس التعاون بين وزارات الداخلية والتجارة والصحة، فقد غردت وزارتا الداخلية والتجارة بشكل منفرد بعيدا عن اي تناغم يذكر مع وزارة الصحة، مما اثر سلبا على المشهد الصحي العام والحكومة ايضا.

رسبت الحكومة في اختبار كان من الممكن ان يُعالج ببساطة وسرعة، وان تستفيد منه الحكومة ككل.. رسبت الحكومة في حسم مسؤولية قيادة الوضع الصحي بسبب ثقة مفرطة بتفاهم وتعاون حكومي - حكومي ليس بحسب اختصاص كل وزير، وإنما بحسب احتياجات ومتطلبات المواجهة الصحية.

نتيجة كل ذلك، اضطرب القرار الصحي بسبب انفراد وزارتي التجارة والداخلية بالقرار على الاختصاص الطبي، فضلا عن بروز عناصر سياسية لعبت سلبا في احتواء التعقيدات الصحية في مراحلها الاولى، بينما اصبحت ابسط الاولويات الوقائية، كالكمامات، ضحية عدم تنازل وزارة التجارة منذ البداية لوزارة الصحة في تحديد معايير ومصدر استيراد الكمامات، ومن ثم اتخاذ قرار حكومي وليس وزاريا في تحديد قيمة الكمامات التي سمعنا عنها عبر تصريحات رسمية، بينما لم نرها في الساحة المحلية!

من بين ما تردد منسوباً لوزير التجارة خالد الروضان انه تراجع عن قرار الاستيراد للكمامات بعد تواتر اخبار عن مصالح تجارية، لذا قرر الوزير التراجع عن قرار الاستيراد، تاركا القرار لوزارة الصحة بعد استنزاف للوقت على حساب وقائي بشكل غير مبرر رسمياً!

وانعكس التخبط الحكومي على تبرع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي بقيمة 5 ملايين دينار من اجمالي 10 ملايين دينار لغرض توفير احتياجات طبية عاجلة دون وجود قيادة حكومية في تحديد المعايير وجهة الاستيراد والشحن ايضا، مما حدا ظهور مؤسسة التقدم العلمي وكأنها جهة حكومية وليست جهة خاصة، خصوصا من ناحية السباق نحو تسجيل سبق صحافي لمصلحة المؤسسة، بالرغم من ان الشحنة وصلت على طائرات عسكرية كويتية!

لم يتوقف الامر عند هذا الحد، بل تعرض القرار الصحي لانفراد القرار الامني في تحديد فترات الحجر وطبيعته، اي بين جزئي او كلي وأيهما قبل؟!

طبعاً، هذا لا يعني ان وزارة الصحة قد نجحت بقراراتها، فقد طغى الجانب السياسي والأمني على القرار الصحي في تقديم بلاغات امنية ضد ما ورد على لسان عدد من المواطنين بشأن قيمة احد عقود الكمامات الوقائية، فيما ثبت بعد ذلك صحة المعلومات وصدور قرار بإلغاء العقد، بعد مباشرة السلطات المختصة التحقيق مع احد المواطنين!

غذائياً، قادت عشوائية قرارات وزارة التجارة بحصر التسوق بالجمعيات التعاونية الى نتائج سلبية، وضغطت على المواطنين والجمعيات ايضا، الى جانب اجتياح الاصابات صفوف المتطوعين والعاملين في الجمعيات، بينما اسواق التجزئة المحرومة من قرار التسوق المباشر، لم تتعرض لوضع الجمعيات نفسه.

هل هو قدر الكويت ان تكون الحكومة آخر المستفيدين من دروس الامس واليوم والأيام المقبلة، بعد تسلسل سياسي تاريخي من الدروس غير المستفادة؟!

من المؤسف ان يكون دوماً الشعب اول المتضررين والحكومة آخر المستفيدين!