بعد تصاعد أعمال الشغب في الولايات المتحدة والتي صاحبتها عودة طرح قضية العنصرية بعد مصرع رجل أسود على يد ضابط أبيض مما عزز التساؤل حول حقيقة العدالة بين البيض والأقليات العرقية الأخرى في أغنى بلد، الأرقام تكشف عن تفاوت كبير للدخل حيث يصل متوسط الدخل للبيض 70 ألف دولار، بينما السود 40 ألفاً حسب بيانات (BLS)، لكن لو نظرنا للصورة بأكملها فالمشكلة ليست بين السود والبيض بل هي أكبر وأعقد.

هناك مشكلتان عززت الفارق الطبقي بين الأثرياء ودونهم، الأولى بدأت في الولايات المتحدة عام 2008 مع انخفاض ثروات متوسط الأسر الأميركية في ذلك العام ولم تعوض إلا جزء منه حتى الآن حيث بلغ 15 % في عام 2017م قياساً بعام 89، بينما كان النمو قد بلغ 60 % عام 2007 قبل الانهيار، بينما أغنى 10 % من المجتمع ارتفع ثراؤهم 90 % لنفس الفترة، هذه الأرقام التي مصدرها kaiser family foundation توضح التفاوت الطبقي في الولايات المتحدة وليس السود والبيض فقط بشكل خاص.

المشكلة الثانية ارتفاع تكاليف التعليم بشكل سريع؛ حيث ارتفعت رسوم التعليم الجامعي من 8 آلاف عام 95 ميلادي إلى 15.4 ألفاً عام 2019 المصدر (college board) وخلال هذه السنوات انخفضت الثروات، ونمو متوسط الدخل كان مرتبطاً بمستوى التعليم مهما كان النمو الاقتصادي حيث تشير الأرقام أن الناتج المحلي للفرد ارتفع بنسبة 80 % منذ عام 80 بينما 50 % من المجتمع لم يرتفع دخلهم إلا 20 %، و40 % من المجتمع ارتفع 50 % بينما 0.01 % ارتفع 420 %.. هذه النسب توضح التفاوت الطبقي وتركيز الثروة، كما أن نمو ثروة الأسر السوداء كان بسيطاً ولا يتفاعل مع النمو الاقتصادي بسبب انخفاض المستوى التعليم.

هذه التغيرات جذبت تغيرات أخرى سيئة في المجتمع حيث أصبحت حالات الطلاق والانفصال ترتفع في الأسر الأقل دخلاً ومع هذا التراكم في التفاوت وارتفاع الفارق أصبحت أميركا أكبر بلد من حيث الأسرة وحيدة الأب بين الدول المتقدمة بنسبة 23 %، والسبب أن معدلات الزواج ترتفع لدى الأسر الأعلى دخلاً حيث تصل نسبة المتزوجين 77 % وهي طبقة محدودة بينما الأدنى دخلاً المتزوجون هم 26 % وهي طبقة أكبر من حيث العدد، وفي هذه الطبقة الأقل دخلاً وتعليمًا ترتفع نسبة المدخنين وشاربي الكحول الذين تبلغ نسبة عدم امتلاكهم لبرنامج تأمين طبي الأعلى.

المشكلة في الولايات المتحدة ليست في الأساس العنصرية؛ بل انكماش الثروات نتيجة الأزمة المالية والارتفاع المستمر في تكاليف التعليم، وهذا دفع الكثير من الطلبة بالاقتراض لدفع الرسوم الجامعية مما أدى إلى نمو سلبي لثروتهم -أغلب أعمارهم دون الأربعين- وهم في مقتبل حياتهم جعلهم يستسلمون لحياة عملية بعد التخرج ممكن أن تكون غير عادلة ولم يعد يمتلكون خيار المغامرة مثل آبائهم، ومن لم يكمل مساره الجامعي كان من النصف الأدنى دخلاً وثروة، ومنذ العام العام 2008 وغالبية المشاركين في الإحصائيات المصدر (NBC) حتى العام الماضي يقولون إن البلاد تسير في الطريق الخاطئ. .بدا و تعزز هذا الشعور في سنوات اوباما و هو ما تنبه له و أدركه ترامب