عماد الدين أديب

هناك 3 قوى غير عربية تخطط لإدارة العالم العربى والسيطرة على ثرواته، أسواقه، موقعه الاستراتيجى، ممراته المائية، والأهم من ذلك كله السيطرة على إرادته، هذه القوى هى إيران الفارسية، تركيا العثمانية، إسرائيل الصهيونية.

كل واحدة من الثلاث تمتلك مشروعاً شريراً يحاول استغلال الثغرات الدينية والطائفية والعنصرية.

كل واحدة من الثلاث لديها تاريخ دموى تصادمى مع العالم العربى وصل إلى حالة صريحة من الثأر التاريخى.

ثلاثتهم: إيران، تركيا، إسرائيل، قد يختلفون فى الأهداف والوسائل، لكنهم يتفقون فى أمر واحد، وهو أنهم يرفضون تماماً قيام أى مشروع عربى جماعى، لأنه ببساطة يشكّل تهديداً صريحاً لمصالحهم الاستراتيجية.

ثلاثتهم لا يبحثون عن حلفاء من العالم العربى، ولكن يبحثون عن عملاء وإدارات لتنفيذ مشروعاتهم.

إيران تسعى لنشر مشروع ولاية الفقيه من المحيط إلى الخليج، وذلك يبدأ بتهيئة العالم العربى لقبول هذه الولاية من خلال «ثورات ونعرات طائفية» تمهد البلاد والعباد لعودة الإمام الغائب.

تركيا، تحلم بإعادة الخلافة العثمانية القديمة من خلال مشروع العثمانيين الجدد بقيادة رجب طيب أردوغان الذى يحلم بقيام «تركيا القوية» من خلال خلافة ترفع شعار الإسلام، مركزها أنقرة.

إسرائيل، تهدف إلى تحويل واقع الاحتلال الاستيطانى لأرض فلسطين من البحر إلى النهر إلى شرعية كاملة تقنن الاحتلال وتحقق يهودية الدولة.

وترى إسرائيل أن العالم العربى هو سوقها الاستهلاكية الكبيرة التى تمارس فيها كل مشروعات فرض القوة الاقتصادية من خلال قوة عسكرية طاغية مدعومة بسلاح نووى وتكنولوجيا شديدة التقدم خلفها اللوبى الصهيونى العالمى.

ما أقوله اليوم ليس تحليلاً تآمرياً مخترعاً، لكنه مبنى على مشروعات ودراسات صرح بها ساسة هذه الدول وأعلنوها صراحة على مدار السنين، ولكن لا أحد فى عالمنا يقرأ، وإن قرأ لا يفهم، وإن فهم لا يتحرك، وإن تحرك كان تحركه فى الاتجاه الخطأ.

وإذا كنت لا تصدق مشروعاتهم انظر إلى الخارطة اليوم، وإلى واقع وجود قوات ونفوذ تركيا، وإيران، وإسرائيل.

إسرائيل سوف تعلن ضم الأراضى الفلسطينية فى غضون أسابيع، وتعربد كما تريد نحو أى أهداف فى سوريا ولبنان وغزة.

إيران لديها نفوذ وسلاح وخبراء وأحزاب فى اليمن، لبنان، سوريا، العراق، غزة.

تركيا تعربد فى شرق المتوسط، تمارس قرصنة بحرية فى ثروات غاز المنطقة، ولديها قوات فى العراق، سوريا، ليبيا، قطر، وتسعى لبسط نفوذها فى تونس والجزائر والصومال والسودان وجيبوتى.

ثلاثتهم أحياناً يصطدمون ببعضهم البعض على ساحات المنطقة العربية، وأحياناً يجدون أنفسهم أمام النفوذ الطاغى لأصحاب المصالح العليا فى المنطقة من قبَل الروس والأمريكان.

ثلاثتهم على استعداد أن يبيعوا ويشتروا مع موسكو وواشنطن ما دامت السلعة هى المصالح والأراضى والثروات العربية.

هنا نطرح السؤال الممل الذى بح صوتنا على مر عقود وهو: أين المشروع العربى؟

نعم، أين المشروع العربى، الذى يصوغ مصالح العرب، بواسطة العرب، لصالح العرب أنفسهم؟

نعم، أين المشروع العربى المضاد لمشروعات إيران الفارسية وتركيا العثمانية وإسرائيل الصهيونية؟

هذا ليس خيالاً أو وهماً أو أمراً مستحيلاً!

هذا عمل حياة وموت بالنسبة لشعوب وكيانات المنطقة.

هذا فرض عين، وواجب مقدس، إذا ما تم التفريط فيه هو خيانة للعقل والمنطق والدين والشرف الإنسانى.

انظروا للخارطة السياسية للمنطقة اليوم، تابعوا نشرات الأخبار التى تنقل إلينا عملية نهب استعمارى، وتقسيم ممنهج، وتخريب متعمد، وإفساد لمشروع الدولة الوطنية من خلال ميليشيات الإرهاب التكفيرى.

نشاهد ذلك ونحن نشرب الشاى فى صالونات منازلنا، ونحن نتابع تنفيذ عمليات استباحة الأراضى والأعراض والثروات تليفزيونياً، وكأننا نشاهد فيلماً تراجيدياً طويلاً لا دور لنا فيه إلا الجلوس على مقاعد المشاهدين.

من هنا نعود إلى تاريخ العرب الذين قاتلوا على مر التاريخ فى قادش، وعين جالوت وحطين، ومعركة المنصورة، واليرموك، وفلسطين، وحرب أكتوبر المجيدة، وتحرير الكويت.

هذا التاريخ يقول لنا إن قانون رد الفعل التاريخى عند العرب يأتى متأخراً لكنه فى النهاية يأتى، لأنها أمة لا تموت إلا بإذن الله.

إن التهديد الذى تتعرض له المنطقة الآن هو تهديد وجودى يحتاج إلى قمة طارئة جماعية أو مصغَّرة بمن حضر ومن رغب أن يحافظ على شرف هذه الأمة.

نحن بحاجة لجراحة عاجلة لحالة الغيبوبة السياسية التى تعيشها بعض دول المنطقة فى مواجهة فيروس الهيمنة والاستيطان والإرهاب التكفيرى، قبل أن يحتضر المريض.

إن لم يجتمع عقلاء العرب الآن فمتى يجتمعون؟