لنجة (بكسر اللام وتسكين النون وفتح الجيم معطشة) مدينة على الضفة الشرقية للخليج العربي، وهي اليوم جزء إداري من محافظة «هرمزكان» الايرانية التي تمتد على سواحل الخليج بطول 187 كيلومترًا وبمساحة 7.7 ألف كيلومتر مربع تقريبًا، ويسكنها نحو 1.5 مليون نسمة.

تحد هذه المحافظة، التي تشتمل على أرخبيل من الجزر الكبيرة والصغيرة (من ضمنها الجزر الإماراتية الثلاث المغتصبة) من الشمال محافظة كرمان، ومن الشرق محافظات سيستان وبلوشستان، ومن الغرب محافظات فارس وبوشهر، ومن الجنوب بحر عمان وخليج العرب. وتعتبر لنجة بوابة الدخول إلى بر فارس السني، وتقطنها الأقوام والقبائل ذات الجذور العربية، مثل: المرازيق، المناصير، وبني حماد، آل بشر، آل بوسميط، آل علي، آل عبيدلي، وغيرها ممن اضطر الكثير من أبنائها للنزوح إلى دول الخليج العربية في هجرات متتابعة منذ القرن التاسع عشر بحثًا عن الرزق والأمن أو هربًا من الاضطهادين المذهبي والعرقي.

الشيخ محمد بن خليفة بن سعيد بن قضيب القاسمي

هذه المنطقة التي استوطنتها القبائل العربية منذ عصور ما قبل الإسلام، بقيت مستقلة لمدة طويلة عن السيادة الإيرانية، وحافظ أهلها على لسانهم وزيهم العربي وعاداتهم وأنماط مساكنهم العربية، مكتفين بامتهان أعمال الصيد البحري ونقل البضائع ما بين الساحلين العربي والفارسي للخليج. وفي هذا السياق كتب المستكشف الألماني الذي عمل في خدمة الدولة الدانماركية «كارستن نيبور» (توفي 1815)، والذي جاب الجزيرة العربية عام 1762 للميلاد في الصفحتين 138 و167 من كتابه «رحلات في الجزيرة العربية وبلدان أخرى في الشرق» ما مفاده أن الجغرافيين أخطأوا حين قالوا إن جزءًا من الجزيرة العربية خاضع لحكم الفرس «لأن العرب هم الذين يمتلكون -خلافًا لذلك- جميع السواحل البحرية للإمبراطورية الفارسية: من مصب الفرات إلى مصب إلاندوس (في الهند) على وجه التقريب. صحيح أن المستعمرات الواقعة على السواحل الفارسية لا تخص الجزيرة العربية ذاتها، ولكن بالنظر إلى أنها مستقلة عن بلاد الفرس، ولأن لأهلها لسان العرب وعاداتهم».

وظل الحال هكذا إلى أن رسم نادر شاه الافشاري خطة لتفريس المنطقة بالقوة عبر نقل سكانها العرب بعيدًا إلى بحر قزوين وإحلال الفرس الشيعة مكانهم. غير أن هذه الخطة لم تنجح تمامًا بفضل صمود العرب السنة من أهل لنجة وما جاورها من مقاطعات مثل بندر عباس، وأبوموسى، وجاسك، وخمير، وقشم، أو بلدات مثل شيبكوه، وجارك، وغابند، وكنك، ومغوه، ودركهان، وبوجير، وبلوة، أو قرى صغيرة مثل تشاه مسلم، وتشاه عبدالرحمن، وبستانة، وسورو، وجنكل، ودوان، ودزكان، وكندران، وشناص، وبيسّه، وهرمند، ورستمي، وغيرها.

المعروف أنه في العصور الحديثة، كما تروي المصادر التاريخية المختلفة، سيطر أبناء عمومة القواسم من حكام إمارتي الشارقة ورأس الخيمة الحاليين على أراضي لنجة وتوابعها، وخاضوا معارك بحرية شرسة للدفاع عنها في مواجهة الغزوات البرتغالية والهولندية، ناهيك عن صد محاولات الفرس بسط سيطرتهم عليها. ولعل أشهر حكام لنجة من القواسم هو الشيخ خليفة بن سعيد بن قضيب القاسمي الذي تولى حكمها من عام 1820 وحتى وفاته في عام 1874، حينما خلفه ولده الصغير علي الذي فـُرض عليه وصي سيئ اسمه يوسف بن محمد (نسب نفسه إلى القواسم دون أن يكون منهم)، فانتهزت الحكومة الإيرانية هذا الوضع للتدخل في شؤون لنجة وفرضت ضرائب باهظة على سكانها من التجار والمزارعين والبحارة ممن لم يستطيعوا أداء تلك الضرائب وفضلوا الهجرة إلى المشيخات العربية الواقعة على الضفة الأخرى من الخليج، خصوصًا أن الأخيرة كانت تشهد وقتذاك ازدهارًا في تجارة التجزئة واللؤلؤ.

لم يكتفِ الإيرانيون بفرض الضرائب فحسب، وإنما عاودتهم أيضا أحلام نادر شاه في السيطرة التامة على لنجة وتغيير هويتها العربية، فشجعوا الوصي على التخلص من الحاكم علي بن خليفة القاسمي قتلاً، متعهدين للأول بتعيينه حاكمًا بديلاً. وقد تم بالفعل تنصيب محمد بن يوسف حاكمًا على لنجة في عام 1878 بعدما نفذ ما طُلب منه، لكنه لم يهنأ بالسطة طويلاً. إذ تم قتله في 19 أبريل 1885 على يد الشيخ قضيب بن راشد القاسمي الذي أعلن نفسه حاكمًا على بندر لنجة.

حاول الشيخ قضيب الاستقلال بلنجة عن الحكومة المركزية الايرانية بدعم من أبناء عمومته من حكام رأس الخيمة والشارقة القواسم، إلا أن المقيم البريطاني في بوشهر حذر هؤلاء الحكام من الاشتراك في ذلك النزاع. تمت تسوية النزاع بشكل مؤقت بموجب اتفاقية اعترفت إيران فيها بحكم الشيخ قضيب مقابل ضريبة سنوية قدرها 190 ألف قران إيراني، لكن الاتفاقية لم تنهِ حالة التوتر في العلاقات بين الإيرانيين وحكام لنجة القواسم. إذ سرعان ما تراجع الإيرانيون عن بنودها، بل كلفت حكومة الشاه ناصر الدين القاجاري قائدًا إيرانيًا هو «أحمد خان دريابكي الشهير بحاجي أحمد خان كبابي» بحكم موانئ الخليج العربي، فاتخذ هذا من مدينة بوشهر مقرًا له، ومن هناك أرسل حملة عسكرية إلى لنجة. وقد نجحت هذه الحملة في إلحاق الهزيمة بالشيخ قضيب القاسمي سنة 1887 وأسره وإرساله إلى طهران، حيث وضع في السجن حتى وفاته عام 1895م. هذا علمًا بأن الشيخ قضيب كان أديبًا فاضلاً وشاعرًا رقيقًا وصاحب قصائد كثيرة ضاع معظمها.

تحدث حسين علي الوحيدي في كتابه «تاريخ لنجة حاضرة العرب على الساحل الشرقي للخليج» (دار الأمة للنشر والتوزيع /‏‏ دبي /‏‏ الطبعة الثانية /‏‏ 1988 /‏‏ الصفحات 24-30) عن ظروف سقوط حكم الشيخ قضيب القاسمي، فأخبرنا أن الحكومة الإيرانية عيّنت مكانه أولاً «ميرزا هدايت خان» مع تأمينه بحامية عسكرية مكونة من 200 جندي نظامي، ثم استبدلته بآخر اسمه «ميرزا محمد علي»، وهذا تم استبداله بـ«ميرزا إسماعيل» الذي خلفه القائد البحري كابتن «محمد خان»، إلى أن استرد الشيخ محمد بن خليفة القاسمي حكم آبائه وأجداده، قبل أن يخسره مجددًا بعد عام وتسعة أشهر فقط على نحو ما سيأتي.

أحمد خان دريابكي

ولد الشيخ محمد بن خليفة في لنجة في حدود العام 1872. والده هو الشيخ خليفة بن سعيد بن قضيب القاسمي، سادس حكام لنجة من القواسم، والمتوفى عام 1874، وجده هو الشيخ سعيد بن قضيب خامس حكام لنجة من القواسم المتوفى عام 1853 الذي انتعشت لنجة في عهده وارتفع صيتها وعلا اسمها بدليل تحولها إلى مقصد للناس من كل مكان، وقيام الدول بتعيين القناصل فيها، ووصول سفن التجارة العالمية إلى مينائها من أوروبا والهند وأفريقيا. أما والدته فمن بنات السادة الهاشميين المعروف باسم السادة القتاليين.

والشيخ محمد بن خليفة، من ناحية أخرى، هو الأخ الأصغر للشيخ علي بن خليفة بن سعيد القاسمي الذي تولى الحكم صغيرًا تحت وصاية يوسف بن محمد الذي قام بقتله سنة 1878م بالتآمر مع الإيرانيين على نحو ما سبق ذكره.

نشأ الشيخ محمد بن خليفة في بلدة «جزير» الواقعة خلف لنجة إلى الداخل (بعيدًا عن الساحل) في كنف أمه وأخواله سيد يوسف بن جعفر الهاشمي وسيد رضا وسيد يعقوب وسيد محمد. حرصت أمه على تعليمه وبث روح الشجاعة والإقدام فيه حتى كبر واشتد عوده. ولعل هذا هو ما جعله يقرر استرجاع حكم القواسم بمساعدة خاله الأكبر «سيد يوسف بن جعفر الهاشمي» وإخوة الأخير وعشيرته ممن جمعوا له ثلاثمائة مسلح.

في هذا السياق كتب الوحيدي (مصدر سابق ص24) قائلاً إن الشيخ محمد بن خليفه وأنصاره «تحركوا إلى لنجة في وقت كانت فيه خالية من الحاكم وجنوده عدا سبعة أنفار في قلعتها، وضرب الشيخ محمد ومن معه خيامهم خارج لنجة استعدادًا للهجوم، فلما علم بذلك تجار لنجة خرجت إليهم ثلة وعلى رأسهم الحاج عبدالله خاجة، فحاورهم وطلب منهم التفكير في الأمر مليًا وبعين العقل، إذ إن الحكومة المركزية في طهران سوف لن تترك لهم الأمر دون تدخل. لكن حماسة رجال الشيخ محمد كانت تمنع التفاهم، ففضل الحاج عبدالله أن ينفرد بالشيخ عساه أن يقنعه بالانصراف، وما زال به حتى أقنعه، وتعهد له بأن يحصل له من طهران على موافقة تسليم حكم لنجة له وأن يجلسه بكل كرامة في محل آبائه وأجداده، ورجع الحاج عبدالله إلى داخل البلده بعد نجاح مسعاه، إلا أن الشيخ محمد حين شاور أصحابه في عزمه على الانصراف رأى منهم عنادًا، ورفضوا انثناءه، وتقدموا للهجوم، فلم يسعه إلا مشاركتهم، ودخلوا لنجة بلا قتال، إذ طلب الجنود السبعة الأمان وسلموا لهم القلعة دون مقاومة، ونودي بالشيخ محمد حاكمًا».

لكن ماذا حدث بعد هذا التطور المفاجئ؟

كما كان متوقعًا، لم تسكت طهران. فبمجرد وصول خبر سقوط لنجة إلى علمها أصدرت أوامرها إلى حاكم بوشهر «أحمد خان دريابكي» بالتحرك لاستراجاعها، فجاء في البارجة «مـَنـْور». أما الشيخ محمد بن خليفة فقد تأهب للقتال بعد أن أعد المدينة للدفاع. غير أن دريابكي مال إلى الحيلة والخداع، فقد تظاهر بأنه جاء مفاوضًا وليس محاربًا، واجتمع بالشيخ محمد والتجار والأعيان وأبدى ارتياحه من الحالة العامة، ثم رجع إلى بارجته عائدًا إلى بوشهر. ولم يلبث طويلاً حتى عاد بسفينته الحربية إلى لنجة مدعيًا موافقة الحكومة المركزية الإيرانية على تولي الشيخ محمد الحكم، واقترح على الأخير أن يعيّن لديه أحد موظفيه في وظيفة سكرتير، فوافق الشيخ حياءً أو غفلة. وبهذا أصبحت أسرار الشيخ كلها في يد هذا السكرتير الجاسوس الذي راح يطلع دريابكي أولاً بأول على أحوال لنجة وحاكمها، ومنها تقارير حول قلة رجال الشيخ محمد وضعف مدده، الأمر الذي شجّع دريابكي على انتهاز الفرصة للقضاء على الحكم العربي في لنجة.

موقع لنجة على الضفة الشرقية للخليج العربي

على أن القائد الإيراني لجأ مرة أخرى إلى الخديعة، حيث تظاهر أنه يقود جيشًا من بوشهر إلى بلوشستان لتأديب بعض قبائلها المتمردة. وقد انطلت الخدعة على الشيخ محمد الذي رحّب به خلال مروره بلنجة، بل وأمده بالذبائح والمؤونة. ابتعد دريابكي مع غروب الشمس بطراده الحربي شرقًا متظاهرًا أنه في طريقه إلى بلوشستان، لكنه عاد تحت جنح الظلام إلى «جشة» (بلدة ساحلية تقع إلى الغرب من لنجة وتبعد عنها بنحو ثلاثة كيلومترات، ويقال إنها سميت بهذا الاسم لأن أهلها هم في الأصل من بلدة في القطيف تحمل الاسم نفسه)، فاحتلها واحتل الأماكن الصحراوية والصخرية الواقعة خلفها.

علم أهالي جشّة بالأمر فأبلغوا الشيخ محمد الذي جمع جيشه وسار به إلى جشّة، حيث وقعت معارك بين الطرفين بالرصاص. وحينما أدرك الشيخ أنه عاجز عن المقاومة عاد إلى لنجة للاحتماء بها، لكنه تفاجأ برمي كثيف من مئذنة حسينية ابن عباس من قبل المناوئين له ممن لم يكونوا على مذهبه، فاضطر للتحصّن في قلعة المدينة مدافعًا ببسالة عن حكمه ومقاومًا دون كلل جيش الإيرانيين على مدى ثلاثة أيام متواصلة. وكاد الشيخ أن ينتصر لولا تدخل الإنجليز في المعركة تدخلاً مباشرًا عن طريق إمداد دريابكي بالبارجة البريطانية «سفنكس» التي دخلت ميناء لنجة من مكان مرابطتها في جزيرة هنجام، وسلطت كشافاتها الضوئية ومدافعها الضخمة على القلعة فأصابتها.

في أعقاب هذا التطور اقتنع الشيخ محمد بن خليفة بأن عداء الإيرانيين معطوفا على عداء الإنجليز للقواسم لن يتركه وشأنه، فانسحب ومن معه إلى الجبال، لتسقط لنجة نهائيًا بيد الإيرانيين الواقعين تحت النفوذ البريطاني من الباطن في عام 1898، وليسجل التاريخ أن الشيخ محمد بن خليفة هو آخر حكام لنجة من العرب القواسم، والحاكم العاشر من هذه العائلة الكريمة التي حكمتها بالعدل والإنصاف ابتداءً من الشيخ قضيب بن كايد بن عدوان القاسمي.

وعلى العكس من القواسم، أذاق دريابكي أهل لنجة صنوف الويلات قمعًا ونهبًا وظلمًا وفرضًا للضرائب المرتفعة، ما تسبب في حالة من الكساد وعدم الاستقرار التي أدت بدورها إلى تحول تجار لنجة إلى دبي وغيرها من موانئ الساحل العربي للخليج.

من البيوت ذات الطراز المعماري العربي في لنجة

ظل الشيخ محمد هائمًا على وجهه في الجبال لبعض الوقت إلى أن أقنعه خاله سيد يوسف بمغادرة المنطقة، علّ رحيله يخفف من الفضائع والمجازر وأعمال التخريب والاغتصاب التي كان دريابيكي يرتكبها بحق أهل لنجة. وهكذا استقل سفينة شراعية إلى رأس الخيمة، حيث حلّ ضيفًا على أبناء عمومته من القواسم الكرام الذين احتفوا به، ثم انتقل إلى الشارقة التي استوطنها إلى أن توفي بها رحمه الله، مخلفًا وراءه ابنتين (رزق بولد أسماه خليفة، لكنه توفي دون أن ينجب).

وهناك رواية أخرى تفيد بأن الذي ساعد الشيخ محمد بن خليفة في الخروج من لنجة إلى بر العرب هو صديقه زعيم المزاريق في بلاد فارس الشيخ أحمد بن راشد المرزوقي وابنه الشيخ سلطان اللذين أعدا السفن لنقل الشيخ محمد وعائلته إلى رأس الخيمة. وطبقًا لما ورد في الصفحة 190 من كتاب «تاريخ جهانكيرية» لمؤلفه محمد أعظم عباسيان، فإنه حينما علم دريابكي بأمر المساعدة هذه أراد أن يقبض على المرزوقي وابنه، لكنهما تحصّنا لعدة أشهر في جبال قريبة من بلدة «جناح» الفاصلة بين الساحل الفارسي وبره.

وعلى الرغم من استقرار الشيخ محمد عند أبناء عمومته في إمارة رأس الخيمة، إلا أن الإيرانيين ساورتهم مخاوف من احتمال قيامه باعداد العدة للانتقام واسترجاع ملكه، بدليل تقديم الحكومة الإيرانية التماسًا إلى الحكومة البريطانية من أجل أن تنذر الأخيرة حكام الإمارات المتصالحة بالامتناع عن مد يد العون والمساعدة للشيخ محمد. وقد استجاب الإنجليز وأرسلوا أكثر من إنذار عام 1900، إلى أن تأكد لهم أن الشيخ محمد ليست لديه نية للقتال مجددًا.

أما سيد يوسف بن جعفر الهاشمي وإخوانه الثلاثة فقد واجهوا محنتهم بجلادة وصبر وشجاعة. فبعد فترة من التنقل في الجبال والبراري بنوا لأنفسهم قلعة في قرية «پروغار»، وظلوا يقاومون منها الإيرانيين الذين قرّروا في نهاية الأمر أن يخضعوهم بقوة كبيرة، لكنهم هربوا متنكرين إلى قرية «بندر مُعلــّم» الصغيرة واستأجروا منها سفينة لتنقلهم إلى لنجة في الظاهر، حتى إذا توسطوا البحر طلبوا من النوخذة أن يسير بهم إلى الساحل العربي. وتحت تهديد السلاح رضخ النوخذة لأوامرهم وأوصلهم إلى رأس الخيمة، حيث عاشوا وتناسلوا مكرمين معززين.

صورة من الأرشيف البريطاني لميناء لنجة عام 1918

وهكذا طويت في عام 1898 صفحة حكم العرب للنجة التي دامت نحو قرن من الزمان، وبدأت حقبة السيادة الإيرانية عليها.

ومما يذكر عن الشيخ محمد بن خليفة أنه بمجرد استرجاعه لحكم أجداده، أرسل في العام 1897 مندوبًا من قبله إلى حاكم البحرين المغفور له الشيخ عيسى بن علي آل خليفة (1869-1923) يعتذر فيها عن أمر لم تكن له فيه يد، وذلك من باب حرصه على العلاقات الطيبة بين القواسم وآل خليفة. وملخص القصة أن الشيخ عيسى بن علي رحمه الله حلّ مع حاشيته في لنجة عام 1887 كعادته لأغراض التنزه والصيد، ولأن الإيرانيين كانوا وقتذاك قد استولوا على السلطة من الشيخ قضيب بن راشد، فقد أثار رئيس جماركهم حفيظة الشيخ ومرافقيه بطلب إبراز الأوراق الثبوتية، وهو ما جعل الشيخ عيسى بن علي يعود إلى البحرين غاضبًا ويقطع علاقته مذاك بلنجة.