باركو لي، أخيرا قررت أجازف وأكسر الحظر الارادي وأروح الصالون بعد أن (لاعت جبدي من شكلي)، فقد تحولت خلال أزمة كورونا من وفاء الى (عباسو)، وأصبحت لا أطيق النظر في المرآة.

شعرت بالهلع ما إن دخلت الصالون مع العلم أنني اتخذت كل احتياطاتي من لبس الكمام والقفاز (وأقرأ كل المعوذات في قلبي)، إلا أنني شعرت بأنني دخلت على مريض في العناية المركزة حيث تجمع حولي كل الأطباء في المستشفى (أقصد كل العاملات في الصالون) وهن لابسات ثيابا غريبة وكأنهن موظفات في وكالة الفضاء ناسا، يرحبن بي وتسألني احداهن اسئله غريبة وتضع على رأسي قياس الحرارة، وتسألني الأخرى عن طلباتي (مساكين ما عندهم زبائن)، رغم كل الاحتياطات فإن الصالون خال (يغرش). فوضعت رجلا على رجل كالملكة وطلبت أن اصبغ شعري الذي تحول من الأشقر إلى الأبيض ولكنهم اعتذروا بأن خدمة الصبغ ممنوعة، فشعرت بخيط من الإحباط ثم طلبت على الأقل أن يعالجوا شعري بالكريمات والدهن ولكنه مع الأسف (ممنوع)، نزلت رجلي وطلبت بكل رجاء أن يرجعوا وجهي على الأقل إلى وفاء فقالوا (ممنوع الحف)، فطلبت غسل وتجفيف شعري قالوا (ممنوع التجفيف)، فنظرت الى يدي التي تحولت من كثرة استعمال المعقمات الى جلد تمساح خشن فقلت دخيل الله خشوا الجفاف برسم الحنة على يدي فصعقوني بكلمة (ممنوع). فقلت لهم لماذا اذن سمحوا لكم بفتح الصالونات؟ اذن ما هي الخدمة غير الممنوعة؟ قالوا الواكس وقص الشعر والمناكير والبادي كير، بصراحة بالنسبة إلي (آخر همي أظافري هالأيام).

أقدر كثيرا كل جهود الدولة في أخذ كل الاحتياطات لمنع انتشار الفيروس الملعون، ولكن بما أنها سمحت بفتح الصالونات يعني أنها درست الموضوع بعناية شديدة، لذلك أتمنى أن أفهم كغيري إذا كانت العاملات يتخذن كل الاحتياطات وبما أن قص الشعر مسموح فلماذا معالجته بالكريمات والدهن وتجفيفه ممنوع وهي تقف خلف الزبونة؟ المناكير مسموح فلماذا الحنة ممنوعة وهي المسافة نفسها بين العاملة والزبونة؟ مجرد أسئلة نحتاج جميعا إلى فهمها.

جلست مع صاحبة الصالون فقالت بكل خوف وأسى: نحن نعيش في مصيبة حقيقية وكلنا أو معظمنا على حافة الإفلاس إذ بعد أن توقف حالنا شهورا طويلة سمحت لنا الدولة بفتح الصالونات بشرط ان نتخذ كل الاحتياطات من شراء المعقمات والكمامات بنوعين مختلفين وفوط ومرايل استعمال مرة واحدة فقط بمبلغ وقدره، ثم فوجئنا بقائمة من الخدمات الممنوع أدت إلى عدم قدوم أي زبونة لنا، وأضافت بعد أن تحشرج صوتها وأغرقت عينها الدموع: دخل الصالون في أسبوع لا يزيد على 5 دنانير فكيف سندفع ديوننا أو التزاماتنا وماذا سنفعل لو توقف دعم تمكين لنا (بحجة أننا فتحنا الصالونات)؟ وماذا سنفعل لو طالبتنا وزارة الكهرباء بدفع فواتير الكهرباء والماء ونحن بهذه الحالة من الخسائر؟ كما ستطالبنا العاملات برواتبهن كاملة إذ إنهن يوجدن في الصالون فكيف سندفع لهن رواتبهن ونحن أصلا لا نعمل؟

نعلم أن الوضع العام صعب جدا، ولكن صاحبات الصالون يعشن وضعا مزريا وصعبا جدا، لذلك نناشد الحكومة الموقرة عدم وقف الدعم لهن لكي لا يفلسن جميعا.