تعرف الحكومة في إثيوبيا أن التعنت الذي تعمل به في قضية السد أمر مكشوف أمام العالم، وربما يكون هذا على وجه التحديد هو الذي أفقدها أعصابها عندما ذهبت مصر بالملف إلى مجلس الأمن في الأمم المتحدة!.. وتعرف أن موقف الأعضاء الخمسة الدائمين في المجلس هو الموقف الذي سيكون حاسمًا عند النظر في القضية.. وإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية واحدة من الدول الخمس، فموقفها المعلن واضح من حيث وقوفها ضد اتخاذ إثيوبيا أي إجراء أحادى في الموضوع!

تبقى بعد ذلك مواقف بريطانيا وروسيا والصين وفرنسا.. فهذه هي الدول الأربع التي تستطيع مع واشنطن إقرار الإجراء الواجب اتخاذه تجاه الجانب الإثيوبى إذا ما واصل تعنته!

ولم يكن موقف بريطانيا واضحًا طوال الأيام التي بدا فيها تعنت إثيوبيا ظاهرًا.. ولكن الرد الذي تلقاه البرلمان البريطانى، صباح 23 يونيو الجارى، يقول إن لندن تقف ضد قيام أديس أبابا بأى إجراء أحادى من ناحيتها في مسألة ملء السد!

وهذا الرد له قصة.. ففى هذا البرلمان مجموعة بريطانية مصرية من 61 عضوًا موزعين بين مجلس اللوردات ومجلس العموم.. وهى مجموعة يترأسها بريطانى، ويتولى موقع الأمين العام فيها الأستاذ سمير تكلا.. وكانت لها مواقف مهمة من قبل معنا، وبالذات في موضوع السياحة الإنجليزية التي تأتى إلى شرم الشيخ!

وقبل أيام، أرسلت المجموعة خطابًا إلى بوريس جونسون، تسأله فيه عن موقف حكومته في هذه القضية المثارة بين مصر وإثيوبيا.. ولم تشأ المجموعة أن يكون سؤالها عابرًا أو شفهيًا في البرلمان، ولكنها أرادته مكتوبًا ومُوثَّقًا لمَن شاء أن يعود إليه!

وجاء الرد من حكومة جلالة الملكة.. كما تتسمى الحكومة هناك في العادة.. ردًا واضحًا لا غموض فيه، وكانت سطوره القليلة الموجزة تقول إن لدى حكومة جلالة الملكة تقارير عن المشكلة الناشبة بشأن ملء السد، وإنها تشجع الطرفين على الوصول إلى حل سياسى توافقى، وتعارض تمامًا الذهاب إلى اتخاذ أي إجراء أحادى!

هذا هو موقف بريطانيا مكتوبًا.. ولا يختلف عنه موقف أمريكا.. وليس من المتوقع أن تأتى مواقف موسكو وباريس وبكين على خلاف ذلك، رغم أن الأخيرة تسهم بجزء في التمويل والبناء!.. فمتى تؤمن إثيوبيا بأنها تجادل في قضية عادلة؟!