تتمتع المقامرة بتاريخ غني في تركيا، ولكن الكازينوهات تم تقنينها فقط في الثمانينات تحت رئاسة رئيس الوزراء تورغوت أوزال. سمح التشريع فقط بفتح الكازينوهات داخل الفنادق، وكانت مخصصة فقط للسياح لجذب الأموال إلى البلاد.

وقضت المحكمة الدستورية من وقت قريب بأن أي وسائل راحة يتمتع بها المواطنون الأجانب يجب أن تكون متاحة للمواطنين الأتراك.

وفي 21 ديسمبر 1996، حظرت تركيا رسميا الكازينوهات مرة أخرى، مما أدى إلى إغلاقها. ومع ذلك، ووفقا لعمليات الشرطة كل عام، كان من الممكن ملاحظة كازينوهات القمار المختلفة تواصل تقديم الخدمة للناس.

ما يجعلني أعتقد أن الكازينوهات قد تكون في طريق العودة اليوم، من ناحية أخرى، ليس اقتراحا من اتحاد الفنادق التركي، أو مطالبة قطاع السياحة بتحقيق هذه الغاية. لقد توصلت إلى هذا الاستنتاج من المناقشات حول ما إذا كان يجب إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد.

قد يبدو الاثنان غير مرتبطين تماما، لكنهما في الواقع مرتبطان كثيرا. وهذا يذكرنا في التاريخ الحديث بمقتل رجل الأعمال التركي عمر لوتفو توبال عام 1996، والذي كان يُلقب بـ”ملك الكازينو”. وبعد ذلك ببضعة أشهر، وقع حادث سيارة سوسورلوك، والذي كشف فيه حادث طريق عن صلات غريبة بين وزير الداخلية التركي، وعضو في البرلمان، ورئيس مافيا ومهرّب مخدرات، ومسؤول كبير في الشرطة، وأدى إلى كشف فضيحة “الدولة العميقة”.

وبعد وقت قصير من الحادث، تم غلق الكازينوهات. وبعد وفاة توبال، بدأت وسائل الإعلام التركية فجأة في سرد قصص عديدة عن مدى سوء الكازينوهات.

المعلومات التي أصبحت علنية بعد حادثة سوسورلوك أظهرت أنه مع دفع السياسيين الأكراد خارج السياسة الديمقراطية في التسعينات، اكتسبت الهجمات الإرهابية زخما، خاصة في منطقة جنوب الشرق ذي الأغلبية الكردية، والذي سمح بدوره بالمزيد من تهريب المخدرات عبر الحدود الجنوبية لتركيا.

تحدث إنيس بربر أوغلو، أحد ثلاثة من أعضاء المعارضة الذين تم سحب مناصبهم كنواب مؤخرا، عن طائرات هليكوبتر عسكرية تنقل المخدرات في كتابه “كود نيم: يوكسكوفا”، الذي سمي على اسم مدينة في محافظة هكاري على طول الحدود مع العراق، وهي مركز دعم رئيسي لحزب العمال الكردستاني المحظور.

يصور فيلم المخرج درويش زعيم لعام 2001 بعنوان “إليفانتس آند جراس” قصصا مستوحاة من حادثة سوسورلوك، ويوضح كيف دخلت جميع الأطراف في حرب واضحة مع بعضها البعض بسبب المال.

وأسهل طريقة لغسل أموال المخدرات هي من خلال الكازينوهات. وإلى جانب المخدرات والمقامرة، هناك تجارة الأسلحة. وبحسب شهادات الرجال الذين قاموا بتأدية خدمتهم العسكرية الإلزامية في الجنوب الشرقي، قالوا إنه في التسعينات لم يتم التحقيق بشأن كمية الذخيرة التي استخدمها الجيش أثناء قتاله ضد حزب العمال الكردستاني.

كانت هناك قصص عن كمائن مفتعلة ينصبها حزب العمال الكردستاني لمواقع الجيش، ومن ثم تقوم وحدات الجيش باستخدام نصف ذخيرتها لوقف هذه الكمائن. لا أحد يستطيع حقا معرفة كمية الذخيرة التي تم استخدامها بالفعل، أو في الواقع ما إذا كان هناك هجوم من حزب العمال الكردستاني أم لا.

مثال على ذلك: خلال محاكمات عصابة يوكسكوفا، التي تألفت من ضباط الجيش والشرطة الذين تورطوا في قتل ما لا يقل عن 16 مدنيا، وابتزازهم، والاتجار بالمخدرات، وإخفاء المتهمين في الحجز، وجرائم أخرى مختلفة.

وبشكل مختصر، كلما كانت لدى الأكراد مساحة أقل للانخراط في السياسة القانونية، يجد حزب العمال الكردستاني أرضية أكثر للعمل. وهذا يترك الحدود في جنوب شرق تركيا، وهي منطقة مهمة لتهريب المخدرات، تحت إشراف صارم من مجموعة معينة من الأفراد.

وبالنسبة لأولئك الذين ليسوا على دراية، يمر طريق الهيروين الأكثر فعالية إلى أوروبا من أفغانستان عبر إيران وتركيا. ومع ذلك، كان مألوفا أن يستخدم التجار الحدود التركية مع شمال العراق.

إن إعادة ظهور شخصيات مشهورة منذ التسعينات، مثل إطلاق سراح زعيم المافيا سيء السمعة ألاطين تشاكجي من السجن كجزء من تدابير مواجهة فايروس كورونا، والمطالبة الأخيرة بإلغاء حزب الشعوب الديمقراطي من قبل رئيس حزب الوطن دوغو بيرينشيك تمثل علامة مهمة وواضحة.

كما تشير هجمات الشرطة ضد مظاهرات مسيرة الديمقراطية من أجل حزب الشعوب الديمقراطي، إلى جانب استثناء وسائل الإعلام التركية لحزب الشعوب الديمقراطي من برامجها، إلى أن مشاكل التسعينات تعود إلى الماضي.

يجب التحقيق بشأن نوايا أولئك الذين يرغبون في سجن وإسكات أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي، الذي لديه ثالث أكبر مجموعة في البرلمان بعد الحزب الحاكم والمعارضة العلمانية الرئيسية. وبالنظر إلى كل هذا، يجب علينا أن نتذكر ما قد يلجأ إليه أصحاب السلطة في البلاد.

وأخيرا، يجب على أولئك الذين يعتقدون أن حزب العدالة والتنمية الحاكم ذا الجذور الإسلامية والمحافظ اجتماعيا لن يسمح مطلقا بإعادة فتح الكازينوهات، يجب عليهم أن يتذكروا أيضا أن حزب الحركة القومية اليميني المتطرف كان جزءا من الحكومة الائتلافية عندما حظرت تركيا عقوبة الإعدام وكان حزب اليسار الديمقراطي جزءا من نفس التحالف عندما طبقت تركيا سياسات التقشف تماشيا مع صندوق النقد الدولي.