غير ظهور الإنترنت من شكل العالم اقتصادياً ومعرفياً، وصار فرداً واحداً يستطيع أن ينافس شركة يعمل فيها مئات الموظفين، لم تعد شركات الصناعات العملاقة مثل مصانع الحديد والسيارات هي الأكثر قيمة، تطبيقات التواصل الاجتماعي هي الأغلى ثمنًا، وهي تطبيقات أطلقها أفراد.
ولو أن أحدًا قال لي قبل 25 عامًا، إن تطبيقًا سيكون في هاتفي المتحرك اسمه فيس بوك، تقدر قيمته بـ650 مليار دولار، بينما شركة السيارات العملاقة تويوتا التي تأسست عام 1937 ستكون قيمتها بـ240 مليار دولار رغم أنها أنتجت أكثر من 250 مليون سيارة، لما صدقته، اليوم أتفهم أن قيمة الشيء في مدى استخدامنا وحاجتنا إليه، تخيلوا لو أن هذا العالم من دون كل هذه التطبيقات.. سيكون عالمًا بطيئاً وشحيحاً، روى أحد صناع الإعلام العربي أنه التقى بالرئيس الأمريكي بيل كلينتون في فترة رئاسته، وأثناء الحديث قال له كلينتون: أنصحتك بالاستثمار بكل ما يعمل بالإنترنت، ويقول صاحبنا بأنه لم يستمع لنصيحة كلينتون رغم أنه كان رئيساً للولايات المتحدة، ولا لوم على من لا يستمع لمثل هذه النصيحة آنذاك، حينها كان واقع اليوم أشبه بالخيال لإنسان ما قبل 25 عامًا، العالم تغير وانتهى الأمر، وما حصل من تغيير يعتبر حظاً وفيرًا لأبناء هذا الزمن، من يصدق أن كُتب العالم صارت بين كفي الإنسان، وأنك وأنت في آسيا تستطيع أن تحضر دروس جامعتك في أمريكا، وأن طبيباً في ألمانيا يعالج مريضاً في الهند، ومغنياً في لبنان يسجل صوته في استديو يقع في القاهرة، التطور الكبير أتاح فرصاً لأعمال جديدة، كما أنه حكم بنهاية أعمال أخرى، لكن هذا التطور وبسبب سرعته سيفرض قريباً تحدياً جديداً وصراعاً على تقديم ما هو مختلف ومتميز، خصوصاً أن المستهلك أو المتلقي لديه خيارات متعددة، قد تختفي في السنوات القريبة بعض الشركات الكبيرة مثلما حصل مع كوداك، بعد أن صارت الكاميرات متاحة في الهاتف الجوال، وقد تخسر مؤسسة إعلامية قديمة فرصة وجودها، بعد أن صار الفرد الواحد وعبر حساباته الشخصية في السوشال ميديا قادراً على فعل التأثير الذي يوازي فعل قناة تلفزيونية.