في قصة -ليست طريفة- قرأتها منذ مدة في صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية، عن مواطن إنجليزي بلغت ديونه 75 ألف جنيه، ففكر من الهروب بحيلة التحول لامرأة، ولكن لسوء حظه اكتشف الدائنون العملية وطاردوه مجدداً حتى وهو امرأة للمطالبة بأموالهم، فلم يخلصه تغيير الجنس من الديون بل أضيف إليها تكلفة عملية التحويل الجنسي!

من يملك جمجمة محشوة بالتراب برغم أن صاحبها حي يرزق كمن يدفن رأسه كالنعامة في الرمال كهذا الشخص، هي مجرّد قصة تذكرتها وأنا أفتش عن الأسباب الحقيقية التي يمكن أن نفعلها لتلاشي الديون الشخصية التي تُثقل كاهلنا، وجدت أن كثيرًا من الأشياء التي نراها صغيرة أو غير مكلفة هي بالنهاية زوائد قد توقعنا في أثقال الديون، فالابتعاد عن الإسراف في الشراء وضرورة هجر اللهث خلف الكماليات ناتجة عن هوس التسوق خلف سلع غير ضرورية بالنسبة لنا حتى لو كانت تأتي تحت «إغراء» إعلانات التخفيضات الكبرى، فلو اشترينا سلعة مخفضة 40 % ونحن لا نحتاج إليها فمعنى ذلك أننا خسرنا 60 % من ثمنها، والمؤكد أن احتمالية الاقتراض أكبر إذا مورست سلوكيات تجعل الإنسان عاجلاً أم آجلاً يقع في فخ الديون، ويُدخل صاحبها في دائرة السفه ويفجر قنابل الديون الموقوتة بما تحمله من شظايا الهم والمذلة!

كل شخص منّا لديه أساسيات يحتاج إليها في حياته، وقد يحتاج إلى الاقتراض لكن لا يصل إلى هذه المرحلة إلا وقد قام بوضع حسابات مدروسة في تسديد قرضه بعيداً عن العشوائية التي يظلم فيها نفسه وأسرته ويكون مصيره السجن ومصير أسرته العذاب والألم.

لذا فإن وضع خطة مالية واضحة لطريقة السداد قبل الاقتراض نفسه والابتعاد عن تقليد الآخرين، أو الدخول في مشاريع محكومة بالفشل، خصوصاً في وقت الأزمات كأزمة كورونا مثلاً فتكون الخسارة حتمية!

أضف إلى ذلك، الحذر من الوعود الكاذبة لمن يضمرون الشر وأصحاب النصائح بالاستدانة بدعوى أن لديهم الضمانات في حالة التعثر، لأنه وللأسف الوعود أرخص هدية يمكن أن تُقدم في الأزمات!

وأخيرًا.. وبرغم أهمية تدبير الديون إلا أنه من المهم التوقف عن التفكير المرضي في الديون أو الدخول في حالة إدمان الديون. ويسّر الله على كل معسر ضائقته.