كرّست مجموعة الفكر بمجموعة العشرين جهودها المتواصلة لدراسة آثار جائحة «كوفيد - 19» وتحليل تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، واكتشاف سبل مواجهتها، وطرح توصيات سياساتية، لتعاون عالمي شمولي لإدارة مخاطر هذه الجائحة، والاتفاق على تدابير منسّقة تحسّن القدرة على الاستجابة في حالات الطوارئ المماثلة حال حدوثها في المستقبل.

مع توليها لرئاسة قمة العشرين 2020، استهلت المملكة العربية السعودية عنوان رسالتها بشعار «اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين للجميع» الذي يعكس الدور الإقليمي والدولي الذي طالما كانت وما زالت تقوم به المملكة، ومؤكداً حرصها على مواصلة العمل على القضايا التي تشكّل أهمية قصوى للازدهار العالمي. وإذا تأمّلنا الأحداث الراهنة التي يشهدها العالم وعلى رأسها جائحة كورونا (كوفيد - 19)، يزداد إيماننا بالمنهج المشترك الذي تقترحه المملكة في عام رئاستها لمجموعة العشرين لتوجيه أعمال المجموعة في عام 2020، والذي كان على غراره عنوان رئاستها وهدفه الذي يركز على 3 محاور رئيسية، هي تمكين الإنسان، وحماية كوكب الأرض، وتشكيل آفاق جديدة. ويمكن إدراك أهمية هذه المحاور، التي ستكون ركائز عمل المجموعة لهذا العام، بالنظر إلى الأحداث الراهنة التي يشهدها العالم. تتوافق هذ المحاور مع تلك التي اعتمدتها المملكة في خطتها الوطنية للتنويع الاقتصادي «رؤية السعودية 2030»، بما فيها تلك التي تتعلق بتعزيز استقرار الاقتصاد الكلي، والتنمية المستدامة، وتمكين المرأة، إضافة إلى تعزيز رأس المال البشري وزيادة التدفقات التجارية والاستثمارية.

ووفقاً للتقليد الراسخ لمجموعة العشرين بالعمل مع عدد كبير من المنظمات لوضع وجهات النظر المختلفة حول التحديات المالية والاجتماعية والاقتصادية على طاولة مباحثاتها، فإن تواصل المجموعة يكون بطبيعة الحال عبر مجموعاتها المخصصة للتواصل، التي تمثل مجالس مستقلة، تقودها منظمات المجتمع المدني للبلد المستضيف. وتعمل منظمات البلد المستضيف مع نظيراتها من منظمات دول مجموعة العشرين على وضع توصيات سياساتية وتقديمها رسمياً إلى قادة مجموعة العشرين للنظر فيها.

وفي هذا السياق، فإننا في مجموعة الفكر العشرين (T20) بقيادة كلٍّ من مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية، ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، نهدف إلى اقتراح السياسات الممكنة لتحقيق تطلعات دول مجموعة العشرين، وإطلاع الجمهور على خيارات السياسات التي يمكن لقادة دول العشرين تبنيها لمواجهة التحديات العالمية وتحقيق مستقبل يسوده الازدهار الاقتصادي والاستدامة والشمول؛ إذ تشكل مجموعة الفكر العشرين (T20) شبكة من مراكز الفكر والباحثين، إضافة إلى أنها تُعد «منبع الأفكار» الرسمي لمجموعة العشرين.

وامتداداً لكون مجموعة الفكر (T20) منبع مجموعة العشرين للأفكار، فإن المجموعة تعمل على صياغة موجزات سياساتية تناقش فيها 5 مواضيع رئيسية؛ هي المناخ والبيئة، وتمكين المرأة والشباب، والتعددية والتنمية الاقتصادية والتمويل، والموارد المستدامة، والتقنية والرقمنة. ونفخر في مجموعة الفكر العشرين (T20) بالنخبة المتميزة من الأعضاء الذين انضموا إليها من مختلف مفكّري السياسة العالمية والباحثين، الذين سنعمل معهم تكاملياً لمساعدة قادة العالم في التعامل مع التحديات العالمية؛ إذ نصوغ حالياً أكثر من 150 موجزاً سياساتياً بإشراف 11 فريق عمل، وبتضافر أكثر من 700 مؤلف من أكثر من 70 دولة.

وعلى الرغم من تفشي جائحة «كوفيد - 19»، التي تزيد من التحديات العالمية، وتغمر مجتمع الفكر ومجموعة الفكر العشرين (T20) بالمسؤولية العظيمة، فإننا ما نزال نحرز تقدماً في الموضوعات الخمسة الرئيسية. هذا إضافة إلى جهودنا المتواصلة في بحث هذه الجائحة وتحليل تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، واكتشاف سبل مواجهتها، وطرح توصيات سياساتية لتعاون عالمي شمولي لإدارة مخاطر هذه الجائحة، والاتفاق على تدابير منسّقة تحسّن القدرة على الاستجابة في حالات الطوارئ المماثلة حال حدوثها في المستقبل.

ومنذ بدء تفشّي جائحة «كوفيد - 19»، أدّت مجموعة الفكر العشرين (T20) دوراً رئيسياً، فقد عقدت في شهر يونيو (حزيران) الماضي مؤتمراً افتراضياً استعرضت ورصدت فيه تأثير جائحة «كوفيد - 19» على القطاعات الاقتصادية المختلفة محلياً وعالمياً، وتبع ذلك بحث عدد من الحلول والمقترحات المناسبة واللازمة لتجاوز هذه الجائحة، بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني. وسعياً منّا في طرح حلول تتناغم مع عالم أكثر ازدهاراً بعد الجائحة، جاء مؤتمرنا هذا استمراراً لأعمال فريق العمل الحادي العشر الذي شكّلناه حديثاً تحت اسم «فيروس كورونا المستجد (COVID - 19)... مناهج متعددة التخصصات لمواجهة المشكلات المعقدة»، الذي يعمل وفق حزمة من الأولويات، من بينها إنشاء أنظمة صحية وسلاسل توريد مرنة تكون على أهبة الاستعداد للاستجابة الفورية، وإعادة هيكلة أنظمة التعليم وتعزيز قدرتها على التكيّف، بالإضافة إلى التصدي للتحديات البيئية وتكثيف العمل المناخي.

وبينما نمضي في مواجهة هذه الجائحة وتجاوزها، نجد أن نظاماً جديداً يتشكل شيئاً فشيئاً. والعمل الذي قمنا به للمساعدة في دعم الجهود المبذولة من مجموعة العشرين لتحقيق الاستقرار، سيصبح أكثر صلة بمستقبل هذا النظام العالمي الجديد. ويمثل هذا العام تحدياً مهماً ومنعطفاً تاريخياً لمجموعة العشرين ومجموعات التواصل كافة، ونأمل أن يحقق هذا العام لمجموعة العشرين ومجموعة الفكر العشرين (T20) تحت رئاسة المملكة مستقبلاً يسوده الازدهار الاقتصادي والاستدامة والشمول للجميع.