خرج علينا أحد رجال الدين مؤخرا، أو بالأحرى من المدعين أنهم يحملوا شرف الدعوى، ليعلن على الملأ استباحة التحرش بالمرأة، بجملة سافرة وسافلة يقول فيها:

«عدم الحجاب تعري.. نعم لأنك تبرزين مفاتنك.. التي تستفز بالفطرة ذكورتي»!

هذا المستَفز المدعو عبدالله رشدي إنما استفز المجتمع الإسلامي بأسره بهذه المقولة، التي تضاف إلى رصيد تاريخه الأسود في الفتاوى الشاذة والنشاز، وهو أمر ليس بغريب عليه، فماذا نتوقع من رجل يقول في موضع آخر:

«يجوز تزويج الطفلة إذا كانت سمينة.. تطيق الوطء والنكاح.. أو بالغة تسعة سنوات»!

هل هذا رجل مسلم عاقل بالغ؟

هل هذا شيخ دين يؤخذ برأيه أو حجته؟

وماذا نتوقع من عقول تستقبل آراءه هذه، وتقتنع وتعمل بها؟

لقد سارع الأزهر الشريف بإصدار فتوى تعليقا على ما قاله المدعو عبدالله رشدي دحض فيها استباحة التحرش بالمرأة تحت أي ظرف من الظروف، كما وصفه وزير الأوقاف بالجهل والحماقة.

ومن جديد يحتدم النقاش في مصر حاليا حول قضية التحرش، التي يسهم فيها من دون شك أمثال رشدي، وذلك بسبب ردود الفعل الغاضبة تجاه واقعة انتفض لها المجتمع بأكمله سيطرت على وسائل التواصل مؤخرا، على وقع اتهام أكثر من خمسين فتاة شابا بالاغتصاب والتحرش من بينهن قاصر.

هذه الواقعة المؤسفة أعادت إلى الأذهان قصة فتاة المعادي الشهيرة في الثمانينيات صفاء كامل، وهي التي قررت أن تسترد حقها بالقانون، بعدما أعلنت في شجاعة أدبية نادرة في مجتمعاتنا العربية ما تعرضت له من اغتصاب، وهي قصة هزت المجتمع المصري في ذلك الوقت، ووصلت بعدها عقوبة هذه الجريمة الحمقاء إلى الإعدام.

اليوم تتعالى الأصوات بمناشدة جميع الفتيات اللاتي وقعن ضحية لهذا الشاب للتقدم ببلاغات رسمية حتى يمكن التعامل مع الواقعة قانونيا، لكي يأخذ كل ذي حق حقه، بعد أن أعلن المجلس القومي للمرأة تقدمه مؤخرا ببلاغ إلى النائب العام للتحقيق في هذه الوقعة الشهيرة التي باتت حديث الشارع المصري اليوم.

هناك جملة صادمة ومرعبة تتردد اليوم بكثرة وسط الحوادث المؤسفة التي نراها في كثير من مجتمعاتنا العربية وليس المجتمع المصري فقط، وهي بالعامية:

«مفيش بنت ما تعرضتش للتحرش»!

نعم، قد تكون هذه الجملة صحيحة، فالتحرش أنواع ودرجات، ولكن المشكلة تكمن في إمكانية أن تفصح الفتاة التي تتعرض له، وتلجأ إلى القانون، لتسترد حقها، ولتحمي في الوقت نفسه غيرها من الوقوع في براثن هذه التجربة المريرة، وهذا هو ما يجب أن يعمل عليه رجال الدين (بحق) والجهات المعنية بالتربية والتعليم، والآباء، للوصول إلى مجتمع آمن من شرور هذه الذئاب.

أما هؤلاء الذين تستفز النساء رجولتهم، ويعيشون حالة من الشهوة الحيوانية تجعلهم لا يتحكمون في أنفسهم وسلوكهم تجاه خلق الله، فننصحهم بأن يلزموا بيوتهم، ويحجرون أنفسهم داخل جدرانها، لأنهم غير صالحين للتعامل الآدمي مع البشر.

بل هم ليسوا من البشر أساسا!!