«الحياة أمل، فمن فقد الأمل فقد الحياة»، مقولة وصف بها الفيلسوف اليوناني أفلاطون العامل الأهم في الارتقاء والتطور والحياة قبل 2300 عام.

وعلى أمل إيجاد قوة توحد المجتمع الإماراتي تأسست دولة الإمارات العربية المتحدة قبل 50 عاماً على يد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ليشكل الأمل بالأفضل دائماً وعدم الاعتراف بالمستحيل نهجاً لمسيرتها، ففي البداية كان الحلم في زراعة الصحراء وعبر جهود المغفور له بإذن الله ورؤى القيادة الرشيدة اتسعت رقعة المساحة الخضراء في أرجاء الدولة لتتجاوز مليون دونم، ويتطور توجه هذا القطاع حالياً ليستهدف التحول نحو نظم الزراعة المستدامة.

وكان الأمل في البداية في بناء دولة قوية اقتصادياً، لنرى اليوم دولتنا تشكل نموذجاً فعالاً في التنوع الاقتصادي وتقود المنطقة إلى التحول نحو الاقتصاد الأخضر، وخلال السبعينات راود الأمل والدنا المؤسس في الوصول للفضاء، وبفضل قيادتنا الرشيدة سطرنا إنجازات تاريخية في ريادة الفضاء عبر برنامج الإمارات للفضاء، وتأسيس وكالة الإمارات للفضاء ومركز محمد بن راشد للفضاء وتوجت هذه الجهود مؤخراً بمشاركة رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري في الرحلة لمحطة الفضاء الدولية.

منذ تأسيسها كان الأمل في مستقبل أفضل نهجاً لمسيرة دولة الإمارات العربية المتحدة، ولم يكن هذا النهج يستهدف النطاق المحلي فحسب، بل كان يسعى دوماً لإيجاد مصدر ونموذج عربي لبث هذا الأمل في المنطقة ككل وتحفيز شبابها على التطور والحلم دوماً بالريادة في كل المجالات.

والآن ومع انطلاق رحلة «مسبار الأمل» إلى كوكب المريخ تبعث دولة الإمارات العربية المتحدة بفضل رؤية قيادتها الرشيدة وما توفره من دعم بشكل دائم، أملاً كبيراً في نفوس الشباب العرب كافة بوجود كيان بحثي وعلمي عربي في هذا المجال، خصوصاً وأن «مسبار الأمل» يضع الإمارات ضمن قائمة الدول الـ9 عالمياً التي تستكشف كوكب المريخ.

ويعزز من هدف الرحلة بأن تكون مصدر فخر وأمل للشباب العربي ككل تخصيص عبارة «العرب إلى الفضاء» شعاراً لرحلة المسبار، وإعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، برنامج «نوابغ الفضاء العرب»، الأول من نوعه عربياً لاحتضان ورعاية مجموعة متميزة من المواهب والنوابغ العرب، وتدريبهم وتأهيلهم في علوم الفضاء وتقنياته، وتجهيزهم بالمهارات والقدرات والخبرات اللازمة للعمل في قطاع الصناعات الفضائية.

يحمل مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل» في طياته العديد من الفوائد المعنوية والمادية، فبالإضافة إلى كونه مصدراً للأمل والإلهام، سيعزز المشروع قدرة العديد من المجالات على تحقيق الاستدامة وفي مقدمتها القطاع البيئي والعمل من أجل المناخ وحماية كوكب الأرض.

ففي نظرة سريعة على المشروع نجد أن المسبار تم تزويده بكاميرا رقمية لالتقاط صور عالية الدقة لكوكب المريخ ولقياس الجليد والأوزون في الطبقة السفلى للغلاف الجوي، ومقياس طيفي يعمل بالأشعة تحت الحمراء لقياس درجات حرارة الكوكب وتوزيع الغبار وبخار الماء والغيوم الجليدية في الطبقة السفلى للغلاف الجوي، ومقياس طيفي يعمل بالأشعة فوق البنفسجية لقياس غاز الأوكسجين وأول أكسيد الكربون في الطبقة الحرارية وقياس الهيدروجين والأوكسجين في الطبقة العليا للغلاف الجوي.

هذه الإمكانات التكنولوجية المزود بها المسبار ستساهم في تعزيز جهود العمل من أجل البيئة والمناخ وستسرع من وتيرة حماية كوكب الأرض وموارده وتنوعه البيولوجي، من خلال المعلومات والبيانات التي سيتم جمعها من الكوكب الأحمر.

بث الأمل وتحويل التحديات إلى فرص نمو وتقديم مصادر ونماذج لإلهام الأجيال الحالية والقادمة كان وسيظل دوماً نهجاً لدولة الإمارات العربية المتحدة وقيادتها الرشيدة التي لا تعرف المستحيل وتسعى دائماً إلى إيجاد مستقبل أفضل للإنسان على هذه الأرض الطيبة.