- الإنسان كلمات!. هو في حياته القصيرة مجموعة من التصرفات ومن الكلمات. لكن وبما أن حياته قصيرة، وقصيرة جدًّا، فإنه لا يمكن له البقاء بعد فناء جسده بغير الكلمات. كلمات قالها، وكلمات قيلت، وتُقال، عنه!.
- حتى أفعاله وتصرفّاته التي كانت ترافق كلماته وهو فوق الأرض، تتحوّل فيما بعد إلى كلمات، تُحكى من خلالها وفي ظلالها حكايته، يُوصَف بها، ويُمدَح ويُذَمّ!.
- عاجلًا، أم آجلًا، ومهما كان أصله وفصله، وعشيرته، ومركزه، ووضعه، فإنه سينتسب إلى قبيلة واحدة هي قبيلة الكلمات، ولا موطن ولا حتى منفى له سوى اللغة!.
- بفضل توماس أديسون نحن ننعم بالمصباح، لكن أديسون ليس المصباح ولا الضوء، إنه مُخترع المصباح، و”مخترع” كلمة، و”المصباح” كلمة، أديسون كلمتان!. أو هو كلمات بعدد ما اكتشف واخترع وأنجز، وبعدد ما بقي له من كلمات!.
- لو لم يكتشف آنشتاين النّسبيّة، لاكتشفها شخص آخر، من؟! متى؟! كيف؟! الله أعلم. لكني أظن أن كل ما يمكن معرفته سيُعرف!. حينها سيكون آنشتاين كلمة أخرى، الكهروضوئية ربما!. كلمة أقل وهجًا على أهميتها!.
- مهما بلغ إنسان من وسامة وتأنق، فإنه لن يحظى بربط اسمه بالجاذبيّة كما هو الأمر بالنسبة لنيوتن!. كان وسيمًا على أي حال!.
- “تكلّم حتى أراك”!. يُمكن لنا قراءة الجملة الشهيرة لسقراط، بفهم آخر!. لم يكن سقراط أعمى ولا قليل حيلة في اختيار الكلمات المناسبة. كان يرى من يتحدث إليه!. وبإحلاله لكلمة “أراك” محل أي كلمة أخرى تدل على الرغبة في الفهم والمعرفة، كان شديد الفطنة!. لو قال “أعرفك” سيظل الضوء في بصيرة سقراط نفسه فقط!. لكن “أراك” تعني أنّ الفتى بكلماته يصير مرئيًّا لكل أحد، مضيئًا بذاته!.
- يمكن لي تخيّل الطلب السقراطي هذا مقلوبًا!. وكأنه قال لأفلاطون: “تكلّم حتى يراني الناس في كل مكان وزمان”!. ذلك أنّ سقراط نفسه ليس سوى كلمات أفلاطونيّة!.