هل تخلَّت أمريكا عن أصدقائها في العالم العربي، واستبدلت هذه العلاقات القديمة بأطلال وبقايا الدولة العثمانية الغاربة رغم سنوات من الكراهية أحاطت بالعلاقات بين الغرب وما بقي من آل عثمان؟ إن الغرب لن ينسى ما فعلته حشود العثمانيين في أوروبا، حيث لم تنجُ أي دولة أوروبية من إرهاب الجيش العثماني، والآن تشهد العلاقات بين تركيا وأمريكا تحولاً خطيراً.

لقد تركت أمريكا الجيش التركي يقتل في سوريا ويعتدي على العراق، ويقتل الأكراد، ثم يحتل ليبيا ويسيطر على قطر.. فما الذي يجعل أمريكا توافق على ذلك كله؟ وكيف ضرب الرئيس التركي أردوغان حلف الأطلنطي «الناتو» بعرض الحائط، ولم يسمع لأحد بتشجيع من أمريكا؟

إن أردوغان اختار واحدة من أغنى الدول العربية وأكثرها ثراء وهي ليبيا.. فهل وجدت أمريكا في بترول وغاز البحر المتوسط فرصاً أخرى، وهل يمكن أن تقتسم هذه الثروة مع أردوغان وإسرائيل بالطبع؟ وهل يمكن أن تستغني أمريكا عن بترول الخليج العربي وتكتفي بالشراكة في ثروات البحر المتوسط؟

إن أطماع أردوغان ليست في ليبيا فقط، ولكن هناك أحلام أخرى في البحر المتوسط كله، وماذا تفعل أمريكا مع دول مثل فرنسا لا تبعد عن الشاطئ الليبي غير كيلو مترات؟ كما أن دول أوروبا تعتمد اعتماداً كاملاً على بترول المتوسط، ولا يمكن هنا أن نتجاهل مصالح اليونان وقبرص ومصر وإسرائيل وإيطاليا وفرنسا.

إن الشراكة الغامضة بين أردوغان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول بترول المتوسط، تطرح تساؤلات كثيرة، فهل تنسحب أمريكا من الخليج وهو أحد مصادر الثروة للاقتصاد الأمريكي، بترولاً وسلاحاً ودخلاً؟ وهل يمكن أن يكون بترول المتوسط هو البديل في السنوات المقبلة؟ وهل يمكن أن يفتح أبواباً للصراع وتكون أمريكا طرفاً فيه؟

إن التقارب الغريب بين توجهات أردوغان، الذي يريد أن يكون أميراً للدولة الإسلامية يتعارض تماماً مع أفكار وثوابت السياسية الأمريكية، التي تحارب الإسلام والمسلمين.. فأين التقى أمير المؤمنين مع أمريكا؟

إن الشيء المؤكد أن أردوغان يُسخِّر حشود الإرهاب من داعش، ويتنقل بها بين الدول العربية، في حين تطارد أمريكا داعش وتحارب الإرهاب.. فكيف اجتمع إرهاب أردوغان مع عداء أمريكا للإسلام؟

إن هذه التناقضات بين أهداف أمريكا وأردوغان، تجعل الدعم الأمريكي لاحتلال تركيا لليبيا يطرح تساؤلات كثيرة، وإن موقف أردوغان وحشوده العسكرية في سوريا والعراق وليبيا، وربما اتجه إلى دول أخرى بدعم أمريكي لا بد أن يطرح سؤالاً أمام أصدقاء أمريكا في العالم العربي: هل سيكون الأتراك بديلاً للعرب، أم هل يكون بترول المتوسط بديلاً لبترول الخليج العربي؟ وأين روسيا التى دخلت المنطقة، ويبدو أنها لن تخرج منها أبداً؟