عصر الهيمنة الكاملة لـ «إسرائيل» على الكونجرس الأمريكي انتهى، ونأمل أن يكون هذه المرة إلى الأبد.

بينما لا تزال إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مصرة على دعمها ل«إسرائيل»، تستمر القيادة الديمقراطية التقليدية في استخدام لغة خفية، وهو نوع من «الغموض الاستراتيجي» الذي يقدم الدعم الكامل ل«إسرائيل» ولا شيء سوى الكلام الشفهي لفلسطين والسلام.

ولا تزال آراء القيادة الديمقراطية الممثلة في المنافس الديمقراطي المفترض في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني المقبلة، جو بايدن، هي آراء حقبة ماضية، عندما كان حب الديمقراطيين غير المشروط ل«إسرائيل» يساوي حب الجمهوريين.

ومن الأجدر أن نقول إن تلك الأيام تقترب من نهايتها؛ لأن استطلاعات الرأي المتتالية تعيد تأكيد المشهد السياسي المتغير في واشنطن.

في تلك الأيام كانت مجموعة الضغط المؤثرة المؤيدة ل«إسرائيل» (لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية) (أيباك) تجثم وتسود الكونجرس الأمريكي، وكانت وحدها من يقرر تقريباً، مصير أعضاء الكونجرس من الرجال والنساء، بناء على دعمهم أو عدم دعمهم ل«إسرائيل».

ولو أنه من السابق لأوانه الإعلان أن «تلك الأيام قد انتهت»، استناداً إلى الخطاب السياسي المتغير بشكل كبير حول فلسطين و«إسرائيل»، والعديد من استطلاعات الرأي، والنجاحات الانتخابية لمرشحي الاحتلال المناهضين ل«إسرائيل» في الانتخابات الوطنية والمحلية، فإن المرء مضطر إلى القول إن قبضة «أيباك» المشددة على السياسة الخارجية الأمريكية بدأت تتراجع أخيراً.

في 25 يونيو/حزيران، دعا حوالي 200 عضو في مجلس النواب الديمقراطي بما في ذلك بعض أكثر مؤيدي «إسرائيل» صلابة، في رسالة إلى بنيامين نتنياهو وغيره من كبار المسؤولين «الإسرائيليين» إلى إلغاء خطتهم لضم ما يقرب من 30% من الضفة الغربية بشكل غير قانوني.

صياغة الرسالة كانت بعيدة عن وصفها «تهديداً»، لكن حقيقة أنها وقعت من قبل حلفاء أقوياء ل«إسرائيل» مثل عضو الكونجرس في فلوريدا، تيد دوتش، وعضو الكونجرس في إلينوي، براد شنايدر، يقول الكثير حول تغير الخطاب بشأن «إسرائيل» بين المركز وحتى الزوايا المحافظة للحزب الديمقراطي.

ومن الأهمية بمكان، ملاحظة أن تأثير الجيل الأصغر والأكثر تقدمية من السياسيين الديمقراطيين، يستمر في دفع حدود خطاب الحزب بشأن «إسرائيل»، وذلك بفضل العمل الدؤوب للنائبة ألكسندريا أوكاسيو كورتيز، وزملائها، والتي وجهت رسالة أخرى في 30 يونيو/حزيران إلى وزير الخارجية مايك بومبيو، وكانت فيها حازمة وجريئة بشكل ملحوظ، مشيرة فيها أن إلى أنه إذا استمرت الحكومة «الإسرائيلية» في هذا المسار (الضم) فسيصار إلى عدم الاعتراف بالأراضي التي تم ضمها، وكذلك تقييد 3.8 مليار دولار من التمويل العسكري الأمريكي ل«إسرائيل». الزمن تغير. ومن المنعش رؤية «أيباك» تتهاوى لإخماد الحرائق العديدة التي أشعلتها الأصوات الراديكالية الجديدة بين الديمقراطيين.

ويشير استطلاع للرأي أجراه مركز «بيو»، إلى أن التعاطف مع «إسرائيل» بين الجمهوريين تحول إلى مستوى غير مسبوق بلغ 74%، بينما انخفض بين الديمقراطيين إلى 33%.

ولأول مرة في التاريخ، انقسم الدعم ل«إسرائيل» والفلسطينيين بالتساوي تقريباً بين الديمقراطيين، حيث جاء 33% لكل منهما. وفي هذه الفترة بدأنا نرى عناوين الأخبار الرئيسية غير المعتادة مثل: «لماذا يتخلى الديمقراطيون عن إسرائيل؟».

ولا يقتصر الأمر على مرتبة وملف الديمقراطيين الذين يبتعدون عن «إسرائيل»؛ بل بدأت الآراء المتغيرة بشأنها بين الشباب اليهود الأمريكيين في النهاية تؤتي ثمارها، لدرجة أن بيانات «بيو» خلصت في أبريل 2019 إلى أن الأمريكيين اليهود، ككل، هم الآن أكثر احتمالاً.

إن 42% من المسيحيين يقولوا إن الرئيس ترامب كان «يحابي الإسرائيليين كثيراً».

وبينما تستمر «أيباك» في استخدام التكتيكات القديمة والارتجال لحماية مصالح «إسرائيل» في الكونجرس الأمريكي، فإن «اللوبي القوي» لن يتمكن من استعادة الزمن الأول، وعصر الهيمنة الكاملة ل«إسرائيل» على الكونجرس الأمريكي قد انتهى، ونأمل أن يكون هذه المرة إلى الأبد.