نشر فريق أكسفورد الاثنين الماضي نتائج الاختبارات السريرية للقاح فيروس كورونا، وقد أظهرت النتائج أن اللقاح آمن وفعال. وقد اختبر اللقاح على أربع مجموعات وكانت الأعراض الجانبية المتوقعة طفيفة لكثير من الحالات: صداع، حرارة، إرهاق. كما إن عشرة من المتطوعين قد أخذوا جرعة ثانية من اللقاح ولم يشعروا بأعراض جانبية مختلفة عن الجرعة الأولى. كما إن مناعة المتطوعين بلغت أعلى ارتفاع لها في اليوم الثامن والعشرين ثم انخفضت قليلاً في اليوم السادس والخمسين.

نتائج لقاح أكسفورد جيدة، إلا أنها لا تختلف كثيراً عن النتائج التي أعلنتها شركة فايزر أول هذا الشهر، والنتائج التي أعلنتها شركة موديرنا التي عرضتُ لها الأسبوع الماضي. بل إن ما نشهده اليوم هو سباق محموم نحو الوصول إلى اللقاح، يشبه سباق عدائي المسافات الطويلة. فقد نشرت شركة فايزر بداية الشهر نتائج اختباراتها السريرية، ولحقت بها شركة موديرنا بأسبوعين تقريباً، وأعلنت عن نتائجها الإيجابية كسابقتها. وها نحن نطلع على نتائج أكسفورد بعد نتائج موديرنا بأسبوع، وهي مقاربة لسابقاتها. وقد سبقت شركة كانسينو الصينية الجميع في نشر نتائجها منذ شهرين تقريباً، إلا أن التلقي الإعلامي لنتائج أكسفورد كان مدهشاً، كما لو كان لقاح أكسفورد في المقدمة وهو في الحقيقة ليس كذلك. لا شك أن اللقاحات تختلف في آليات تحقيق المناعة وإن لم ينعكس الاختلاف على فاعلية اللقاحات حسب النتائج المعلنة. فالاختبارات تتقدم بسرعة فائقة وتجتهد الشركات في نشر أخبار تقدمها للعالم باستمرار. ومع التقدم المحرز حتى الآن، فإن المراحل التالية حرجة لأن التوسع في الاختبارات السريرية لمرحلة الاختبار الثالثة ستصاحبها تحديات حين يتوسع نطاق البحث لعدد أكبر من المتطوعين، مما يضع جميع المتنافسين على المحك.

من الواضح أن التغطية الإعلامية للقاح أكسفورد قد حققت نجاحاً كبيراً حيث تفاعل الإعلام البريطاني مع خبر ظهور النتائج حتى تردد الخبر في معظم وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الإعلامية، بما في ذلك إعلامنا. وقد نجح فريق أكسفورد والإعلام البريطاني عموماً، في سرد قصة اللقاح منذ البداية، حيث تصدرت عنوانات الأخبار أن فريق أكسفورد يستخدم فيروس نزلات البرد (الأدينو) المتسبب في عدد من الأمراض الموسمية، سوى أن الفيروس المستخدم ليس الفيروس الذي يصاب به الإنسان إنما الفيروس الذي تصاب به القرود. فأغلبنا قد أصيب بنزلة برد مرات عديدة، وإذا استخدم الفيروس نفسه فإن فاعليته ستكون ضعيفة، لذلك اختار فريق أكسفورد فيروس نزلات البرد الذي يصيب القرود، الذي لم يصب به أحد في الغالب. وبالرغم من مخاطر فشل استخدام فيروس نزلات البرد المعتاد، فقد اختارته شركة كانسينو الصينية، مما يفسر سرعة تقدم الشركة على غيرها في النتائج السريرية، فهو آمن سوى أن فاعليته ليست مضمونة كما أشار الفريق البحثي في ورقته التي نشرت الاثنين الماضي.