إلى حد ما يمكن القول إن الإعلام الليبرالي الأميركي ونشطاء مجموعات الحقوق نجحوا في رسم صورة الرئيس "ترمب" بوصفه غنياً محافظاً لا يطيق غير بني ملته ولونه في صورة نمطية (كانت) رسختها هوليوود للعنصريين البيض.

وبطبيعة الحال لم يفوّت هؤلاء الخصوم تأليب الشارع الأميركي على بعضه في قضية مصرع الأميركي من أصل إفريقي "جورج فلويد" على يد شرطة ولاية أتلانتا. وقد شاهد العالم كيف تحولت عملية استخدام هذا المواطن الأسود لعملة مزورة من فئة 20 دولاراً للشراء من بقالة إلى واحدة من أكبر أزمات الولايات المتحدة الداخلية في تاريخها المعاصر.

وفي ضوء هذه المعطيات فإن الرئيس "ترمب" يحتاج إلى معجزتين: الأولى اقتصاديّة تنتشل البلاد من البطالة التي أحدثتها جائحة كورونا، والثانية صحيّة وتتمثل في لقاح فعّال يلجم انتشار هذا الفيروس الذي بلغت معدلات ضحاياه أرقاماً مخيفة في الولايات المتحدة. من جهة أخرى فإن الخطاب الفجّ الذي اجتذب به "ترمب" معظم أنصاره عام 2016 يحتاج إلى مراجعة شاملة. صحيح أن النغمة الوطنيّة جذبت البيض من سكان الضواحي لمساندة "ترمب" وحسمت فوزه آنذاك إلا أن ذات النغمة يبدو أنها اليوم تخيف أنصاره بشكل أكبر جراء ما عاشوه من أحداث أثناء تظاهرات وشغب المحتجين من مختلف الأعراق والملونين عقب مصرع فلويد.

ومن اللافت للنظر هنا –بحسب الاستطلاعات- تضاؤل الفارق بين "ترمب" و"بايدن" وسط الناخبين البيض بفارق ثلاث نقاط فقط لصاح "ترمب" (45-48 %). وتكشف الاستطلاعات أيضاً تقدّم "بايدن" حتى في المعاقل الجمهورية العتيدة مثل كانساس وألاسكا. ومن يرصد الإعلام الأمريكي يلحظ نشاطاً واضحاً في ضخ الاستطلاعات المتنوعة يومياً والتي تحاول إثبات تقدم "بايدن" على "ترمب" في العديد من القضايا.

وحتى بعض الأوصاف التي يطلقها "ترمب" ربما ارتدّت عليه؛ ومنها وصفه "بايدن" أنه (Sleepy Joe) الذي تحول في تحليلات إعلام خصومه إلى ميزة الحكمة والهدوء التي يتمتع بها "بايدن" مقابل فظاظة (ترمب) الذي لا يحترم أحداً - حسب تعبيرهم.

نعم ما زال الرئيس "ترمب" يحتفظ بأوراق قوية بين البيض ورجال الأعمال التقليديين واللوبيات المؤثرة في نيويورك وواشنطن ولكنها لا تكفي. أما "بايدن" فعلى الرغم من تواضع أدائه إلا أنه قد يفوز خاصة إذا استمرت الجائحة وطال تأرجح الاقتصاد الأميركي مستفيداً أيضاً من شراسة خصوم "ترمب" في منظومات الإعلام وشركات التقنية الكبرى.

  • قال ومضى:

يا صاحبي: هناك من يقول الحقيقة وهناك من يخفيها؛ ففي أي الجانبين أنت؟