- بين أن تتأثّر وأن تُقلِّد فرق، فرق كبير!. في أيّام عزّ النجومية لبدر بن عبدالمحسن، قلتُ عن مقلّديه، وكانوا بالعشرات وأكثر: لا يمكن لشاعر مثل بدر بن عبدالمحسن إلا أن يُقلَّد!.
- الموهوب الحقيقي يُقلّد البدر في محاولة استدراج الإحساس للمعنى، وأنصاف المواهب يقلّدون البدر في لبس النّظّارة، وفي طريقته حين يلكزها بإصبعه كلّما انزلقت قليلًا فوق أنفه!. التقليد الأوّل هو التأثّر، والتقليد الثاني هو التعثّر!.
- قبل بدر بن عبدالمحسن كنّا في قصائدنا أكثر خشونةً مع حبيباتنا!. كثيرًا ما ننساهنّ بعد البيت الثاني أو الثالث، لنتّجه بكامل طاقاتنا نحو “العذول”!. نصبّ عليه جام غضبنا!. أو نروح للأقدار نلومها، وللحظوظ نَتَحَسْبَن عليها!.
- بدر بن عبدالمحسن هو من أنزل العاشق “الشعبي” من عليائه ومن غروره ومن صلافته، وأسهره عند شبّاك محبوبته، أو أجلسه على الأرض قريبًا من الكرسي الذي تجلس هي عليه!. وهذه واحدة من مآثِر بدر بن عبدالمحسن، التي يتوجّب، فيما أرى، إضافتها لمآثره في الصورة الشعرية، واعتمادها أساسًا لقياس الشعر في الشعر الشعبي، النبطي منه والحرّ!.
- اليوم، النجوميّة للرواية أكثر منها للشعر، والتقليد رائح غاد على عينك يا تاجر!. سرّ الحكاية عند نجيب محفوظ!.
- لا أقول أنّ أحدًا منهم يقلّد أسلوب نجيب محفوظ أو يتّبع نهجه، لكن الجميع يريد الحصول على جائزته!.
- لا أحد يطرق الباب، الجميع يدخلون من الشبّاك متسلّقين “المَنْوَر” لا النُّور!. ولأنّهم يعرفون أن “نوبل” الأدب عصيّة، يرجعون بسرقة حلم الحصول على “البوكر” أو ما هو أقل، بشرط أن يُسمّى جائزة وأن يكون له شكلها!. وهج الجوائز شهرة وحماية!.
- قرأت عددًا، ليس قليلًا، من أعمال شباب هذا الجيل، واختلط لدي رعب بقرف!.
- الجميع “تقريبًا”، يكتبون فأشعر بأن طبيعة جائزة ما تُمْلي عليهم ما يكتبون!. أفارق أعمالهم بإحساس فيه حموضة معَدِة!. لا أعود لقراءة جديدهم، أولئك الذين تأكّد لي بالإحساس والشعور والفهم والتلصّص النقدي الخاص، أنهم لا يكتبون لي كقارئ، وإنما يكتبون للمُحَكِّم، لأعضاء لجنة تحكيم الجائزة!.
- مفهومهم لدوري كقارئ لا يتعدّى رغبتهم في أن يكون من بيننا، نحن القرّاء، عدد كبير ممّن يشهد باستحقاقهم للجائزة، أو ممّن يُطالب “إعلاميًّا” بضرورة تكريمهم!.
- يريدون سرقة الهشّ، والهامشي من نجيب محفوظ: الجوائز والأوسمة والشهادات والتكريمات، وأن تترجم أعمالهم لعدّة لغات مثلما أعماله!. لا أحد “تقريبًا” يريد الدخول إلى أطيب وأجمل ما فيه، إلى الحقيقي منه!.
- ذلك أنّه ومن ضمن مُدهشات نجيب محفوظ، أنك تكاد تبصم بالعشرة على أنه لم يكتب شيئًا ممّا كتب طمعًا في جائزة!.
- صحيح أنه دخل الرواية عبر مسابقة!. لكنه لم يتهالك، بل لم يشغل باله، اللهاث على جائزة أو تكريم!. تكاد جميع كُتبه تقول لك إنه كتبها لأنه أراد كتابتها لا أكثر ولا أقل!. كل هذا الصخب جاء نتيجة مستحقة، لكن غير متوقّعة، لهدوء عظيم صيغت به أعماله!.