في الليلة البارحة قررت أن أكسر الحجْر المنزلي الذي فرضته على نفسي منذ عدة أشهر، وتجوَّلت من دون هدف بسيارتي على شوارع جدة الحديثة، وصدمني منظر المخلّفات البلاستيكية المقزز، صحيح أنه أقل من السابق بفضل مجهودات المسؤول الأول في البلدية، ولكن الدابر لم ينقطع بعد، وما زال هناك من يسرحون ويمرحون و(يبرطعون)، عندها تذكرت ما فعلته الفلبين كنوع من العقاب أو لفت النظر للمستهترين، ولكن بأسلوب مهذب على طريقة: (إياك أعني وافهمي يا جارة) - مع قرصة بالأذن - وذلك عندما حولت العبوات البلاستيكية الملقاة في الشوارع وعددها بالآلاف إلى ورود وزهور ملوّنة جميلة ملأت بها حديقة كبيرة في مدينة (لامتيان) اجتذبت السياح وزادت من الوعي بأهمية إعادة تدوير المخلفات.
وأخشى ما أخشاه أن بعض المتخلفين ذهنياً من المواطنين وغيرهم، يظنون أن البلدية تشجعهم على رمي أكبر كميّة من المخلفات للاستفادة منها بالتجميل، فتنقلب الآية بالعكس، فبدلاً من أن نكحلها نكون قد عميناها.
وما دمنا في هذا الصدد (المزبّل)، سوف أروي لكم تجربة شبه مجنونة، قام بها (روب غريفيلد) ليس لمجرد الاستعراض، وإنما لهدف معين، حيث إنه يقوم بارتداء القمامة الخاصة به التي ينتجها في 30 يوماً ويقوم بالسير بها في الشارع بين الناس، حتى يبين كمية النفايات الهائلة لكل فرد.
وبدأت هذه المغامرة في 19 سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي ثلاثة أيام فقط قال إنه قام بوضع نحو 3.6 كلغم من القمامة على جسده، وبحلول نهاية الـ30 يوماً سوف يقوم بوضع نحو 59 كلغم، ويقوم بارتداء كل هذا الوزن الثقيل من القمامة ويسير بالخارج بين الناس.
غير أنني من (لقافتي) أطرح فكرة آلة حديثة (للمسؤول الذي يهمه الأمر)، وايش ما يصير يصير:
فقد قام (هارديمان) بتقديم 4 نماذج من هذه الآلة لهيئة ميناء روتردام في هولندا، وسوف تجوب هذه الآلات في مياه المدينة في نهاية هذا العام، والواحدة منها في حجم سيارة الركاب، وتقوم بالتقاط القمامة من خلال فتحة أمامية تمتد تحت سطح الماء، وهي مستقلة تماماً وتسير (بالريموت كنترول) وتقوم بعملها بكل سهولة، وتم عمل هذه الآلة للحفاظ على نظافة مياه المدينة، ويقول مخترعها إنه يأمل في أن تقوم هذه الآلات في نهاية المطاف بتنظيف المياه بالكامل من النفايات.
ومياه شواطئ جدة في حاجة قصوى لمثل هذه الآلات، لكي أطب بمياه البحر بثيابي وأنا مغمّض.