أين تذهب إذا ما تهشّمت يدك؟ إلى عالم فلك، أم إلى طبيب حوادث وطوارئ؟ في الواقع، وغالباً ستذهب إلى عضو مجلس الأمة لأنه ملم بعمل كل هؤلاء.
نص الدستور الكويتي أنّ لعضو البرلمان مهام معيّنة، وفرضت تفاعلات الواقع عليه مهام أخرى، جعلت منه طبيب حوادث يتوسّط ويرفع التقارير ليقدم ويؤخر حالات علاج، ويتوسّط في المستشفيات والعلاج في الخارج.
وجعلت منه ديوان خدمة مدنية متنقلاً قادراً على انتداب 25 سكرتيراً من وزاراتهم ليسيروا معه أو يسيروا وحدهم... وجعلت منه عالم فلك يراقب حركة الكواكب والفصول والنجوم، ثم بعد ذلك يحدد موقع التعليم عن بُعد بين الأجيال.
لقد فرض الواقع على عضو البرلمان أن يكون كل شيء، عدا الشيء الوحيد المطلوب منه وهو أن يكون سياسياً ومُشرع بناء على الدراسات والمصلحة الغالبة والأكثر استفادة وليس الأكثر زيارة للديوانيات.
ولكن بعض الأعضاء على كل حال قادرون على تدبر أمورهم، والخروج من هذا المأزق، فكما كان الممثلون القدماء يجلبون أناساً لتصفق لهم وسط الجمهور وهم على خشبة المسرح، فقد فهم الأعضاء وبعض الوزراء اللعبة، ودبروا عدداً لا بأس به من أجل أن «يرتوت» لهم في مواقع التواصل.
ولأن الدولة لا أحزاب معلنة ومشهرة فيها، فقد أصبح كل عضو برلماني مجموعة أحزاب متداخلة في بعضها البعض من دون أن يدرك ذلك، وهذا من تفاعلات الواقع أيضاً، فمثلاً ستجد عضو البرلمان ينادي ويصرخ لدعم الموظفين وأصحاب الدخل المحدود.
وبعدها بثلاث جلسات ينادي ويصرخ لدعم أصحاب الأعمال والشركات، وستكتشف أنه حزب يميني ويساري في الوقت، نفسه وتظهر الميول حسب جدول أعمال المجلس وليس حسب البرنامج الموضوع مسبقاً للعضو!
ينادي بخفض البطالة وفتح باب التوظيف الحكومي، وفي الوقت نفسه ينادي بخفض العجز في الموازنة... هو ينادي فقط ولا يقدم حلولاً، ويتاجر بالمشاكل ولا يقدم البدائل، لا يناقش ولكنه يخاصم، والحلول عادة تقدمها الحكومة...
ثم نستيقظ جميعاً من النوم لنكتشف أن هناك ارتفاعاً في البطالة، وكويتيين بلا رواتب، وهناك عجز في الموازنة ومساعدات خارجية!
كالعادة... سيأتي موسم الانتخابات، ونعيش جنون الغالبية لمصالح أفراد، ويهتم بعضنا ببعض ونُشهّر في بعضنا... ثم ماذا؟ تنهمر علينا الأخبار التي تقول إن العمل السياسي والبرلماني مُفتاح لكل الأقفال... قفل الشاليه والمزرعة، وقفل الهبات المالية الصيفية للأعضاء، وقفل الحسابات البنكية المغلقة والمُجمدة!
حسب ما قرأت في أحد كتب الطبخ، فإنه ما من خطيئة تضاهي زيادة الملح على سلطة الجرجير، وحسب ما تعلّمت من الواقع السياسي، فإنه ما من خطيئة تضاهي أن نعيش ألعاباً سياسية بهلوانية رفيعة المستوى!

قصة قصيرة:
87 في المئة من الكويتيين المتزوجين حديثاً، ينتظرون بيت العمر، وساخطون على الحكومة... ما رأيك؟
الـ 13 في المئة المتبقية... عقاريون يأخذون منهم الإيجارات آخر الشهر، وسعيدون بأداء الحكومة.