إقرأ أيضاً

- لا يمكن النظر إلى الحضارتين المصرية والصينية إلا على أنهما أعجوبتان، سواء من ناحية عدم قدرتهما على الاحتواء اللغوي لما حول كل واحدة منهما جغرافيًا، أو لقدرة كل منهما الخارقة على امتصاص الغزاة الناجحين على المدى الطويل!.
- ستحتاج أن تُبحر في الكتاب أكثر للحصول على إجابة لمثل هذا السؤال: لماذا نجحت العربية بالذات، ودون سواها، في الحلول محل اللغة المصرية في موطنها الذي ظلّ، من الناحية اللغوية عصيًّا، على أكثر من سيطرة خارجية سابقة، امتدّت واحدة منها لأكثر من قرنين، وواحدة لأكثر من سبعة قرون؟!. وفيما يخص اللغة الصينية ستعرف لماذا يُعتبر زمننا الحاضر، يمثّل الفرصة الأكبر، لتوسّعها وانتشارها، بعكس أي زمن سابق!. ولماذا يكون الوجه الآخر لعملة هذه الإمكانية هو دخول اللغة الصينية في ممر خطر!.
- .. وكلّما امتلأتْ لغة ثَقُلَ حملها!. هنا تحديدًا يحضر دور الفنون والآداب لهزّ اللغة وإسقاط بعضًا من ثمارها، وقصقصة أوراقها، وتشذيب أغصانها، لتتخفّف وتتجدّد!. بغير ذلك يُمكن اعتبار امتلاء اللغة، أي شعورها بالاكتفاء التام وبعدم وجوب أي تدخّل جديد فيها، نوعًا من أنواع
القتل لها!. فمثلما تُوجد مُعاملة قاتلة للغة كأسر وتهجير أهلها مثلًا، فإنه تُوجد “لا مُعاملة” تقتل اللغة أيضًا!.
- ثلاثة أنماط تسهم في تطوّر وفي تغيّر أي لغة: الهجرة، والانتشار، والتغلغل الذي هو خليط من النمطين السابقين. لا تستطيع أي لغة أن تصير “مُشتَرَكَة” وأن تتوسّع، بغير التغلغل!، والذي هو شيء آخر لا علاقة له بالتكاثر الوراثي!. لا اتساع للغة ما لم يلتقطها أناس ليسوا من أهلها الأصليّين!.
- أربعة أسباب يمكنها تمديد لغة أي أمّة “توسّعيّة” والمحافظة عليها. السبب الأول “التهجين”، الثاني “الحنين”، الثالث “الوحدة” أو الرغبة فيها والإصرار عليها، الرابع “العولمة”!.
- لتلطيف الجوّ قليلًا، وكخاتمة لهذه القراءة السريعة في الكتاب الفخم حقًّا، والذي “يُنشد أغنية مرحة في لحظة، وبعد لحظة يندب كأنه في حِداد وراء جنازة”!. نقف عند هذه الملاحظة العجيبة، إذ أنه ومن بين نتائج صمود اللغة السّاميّة، يُمكن إظهار كون التعداد من واحد إلى عشرة لم يتغيّر تغييرًا يُذكر على مدى أربعة آلاف عام “مئتي جيل”!.
- خذ عندك بالترتيب من الأكاديّة، إلى الآراميّة، إلى العربيّة: إشتن: حاد: واحد!. شينا: ترين: اثنين!. شلاش: تلاتا: ثلاثة!. إربا: أربعا: أربعة!. حميس: حميشة: خمسة!. شيش: شتّا: ستّة!. سيبي: شبعا: سبعة!. سماني: تيمانيا: ثمانية!. تيشة: تسعا: تسعة!. إيشر: عسرا: عشرة!.
- يصعب الانتهاء من القراءة دون ذكر الجهد المبذول بجديّة، وحَمِيّة عروبيّة!، للمترجم الدكتور محمد توفيق البجيرمي، صاحب هوامش الملاحظات والتصحيحات، والاعتراضات!. خاصةً حين يتعلّق الأمر بالعربيّة والإسلام، رغم وضوح الرغبة في الإنصاف في نهج “نيقولاس أوستلر”: “.. فبعد كل شيء، فإن الإسلام دين مساواة، فعند قبول اللغة العربيّة لا تبقى هناك عوائق أخرى للتفضيل الاجتماعي”!.
- “إمبراطوريّات الكلمة” كتاب رائع، مُتقَن ومُثخَن!. لكن على من يريد قراءته ألا ينتظر صفحات مليئة بتهنئة النفس والرّضا عنها!.