تغيرت موازين الصراع العربي الإسرائيلي، وذلك من خلال الدعم القوي للدولة الصهيونية، وجاء السلام ليُفرض على الجميع، وبدون مقدمات لحل لأزمة العرب في فلسطين المحتلة، وهي قضية لا يمكن تجاوزها مهما حدثت من اتفاقات سلام، ومن أجل فهم كيف يفكر العقل الصهيوني، علينا قراءة ما يكتبون، وكنت ولا زلت أتوقع أن تكون نهاية المشروع الصهيوني سيكون بعد ضم الضفة الغربية، وقد كتب جايسون شفيلي في صحيفة إسرائيلية مقال تحت عنوان تجنب التهديد الديموغرافي، وتناول التهديد العربي الديموعرافي لمستقبل الدولة اليهودية..

من خلال ما يكتبون أصبحوا يدركون أنه لم يكن هناك رئيس أمريكي أكثر دعماً لإسرائيل من الرئيس دونالد ترامب، ولهذا السبب، من أجل ترسيخ مطالبتهم بضم الضفة الغربية والقضاء على حلم الدولة الفلسطينية، يجب على إسرائيل ضم كل أو جزء من الأرض بينما لا يزال ترامب في منصبه، وأنهم لا يمكن الانتظار حتى ما بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، حيث يمكن أن يواجهوا رئيسًا جديدًا من المرجح ألا يدعم إسرائيل بقدر ما يدعم ترامب، وقد يكون من أشد منتقدي إسرائيل.

هم يدركون أن الضم يجلب معه مشكلات واضحة لأولئك الذين هم على دراية بالصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، وقد تكون المشكلة الأكبر هي كيفية التعامل مع التغيرات الديموغرافية التي ستحدث إذا قامت إسرائيل بضم الضفة الغربية. يقول الكاتب في مقاله المنشور: ويكمل.. لنفترض على سبيل المثال، أنه كان على إسرائيل ضم المنطقة رسميًا ومنح جميع سكانها الفلسطينيين الجنسية الإسرائيلية مع جميع الحقوق والامتيازات المرتبطة بها.

أشار الكاتب أن الدولة اليهودية ستضيف بعد ذلك أكثر من 3 ملايين مواطن عربي، وهذا يعني أنه بعد إضافة هؤلاء المواطنين الجدد إلى 2 مليون عربي يحملون الجنسية الإسرائيلية بالفعل، سيكون لدى إسرائيل أكثر من خمسة ملايين مواطن عربي فلسطيني بدون عرب غزة، بينما اليهود، الذين يبلغ عدد سكانهم أكثر 6 ملايين نسمة، (حسب إحصاءاتهم)..

حسب قوله لن يدوم لفترة طويلة حيث إن معدل المواليد العرب، وخاصة في الضفة الغربية، يتجاوز بكثير نسبة اليهود الإسرائيليين، وفي النهاية، ستواجه إسرائيل سيناريو تكون فيه غالبية مواطنيها من العرب، وليس اليهود، وهو ما سيكون نهاية المشروع الصهيوني والاستقلال اليهودي. ثم يصل الكاتب إلى حقيقة مرعبة، وهي من أجل الحفاظ على إسرائيل كدولة يهودية، سيتعين على الدولة أن تبتكر طريقة لضم الضفة الغربية دون ضم كل شعبها.

وهو يعني أننا في الوضع الحالي قد نواجه كارثة إنسانية في المستقبل، وهي مشروع طرد بعض السكان العرب من أراضيهم، فما يحدث على الأرض يعيد قصة جنوب إفريقيا، فالحل الصحيح هو دولة فلسطين الموحدة، والتي تضم مختلف الأعراق، لكنهم يدركون أن ذلك سيدمر المشروع الصهيوني، وسيحدث ذلك لو تمت إعانة السكان بضروريات الحياة بدون المرور بالسلطات التي لم تنجح سياسياً، ووضعه من شروط أي سلام، إضافة إلى عودة المهجرين من أراضيهم..

إذا كنا نؤمن أن الأمن العربي كل لا يتجزأ، لا يجب أن تتنازل الدول العربية عن حق العودة، والوقوف من الآن ضد تهجير السكان العرب من أراضيهم، والذين يقدرون الآن بخمسة ملايين أو أكثر، ولو هجروا ستحدث كارثة في الدول العربية المجاورة، قال الشاعر العربي: من يهنْ يسهل الهوان عليه!