معظم الناس الذين فقدوا أحباءهم في حوادث سير أو حادث طائرة، كانت معظم تساؤلاتهم تنحصر عن حقيقة الخمس دقائق الأخيرة التي عاشها أحباؤهم قبل أن يقابلوا الموت، بالنسبة لهم الدقائق الأخيرة هي نتاج كل الحيوات التي عايشوها، الفكر الذي ينحازون إليه، الألوان والأفلام التي يحبونها، الطريقة التي اعتادوا بها الصلاة، المخاوف والشكوك ونذور الموت.

لم أقابل أحداً عايش لحظة فقدان أحد من أبنائه أو زوجة وزوجها، إلا وكان السؤال الذي يمنح لنفسه مساحة أكبر من المعتاد: كيف كانت الخمس دقائق الأخيرة لهُ قبل أن يودع الحياة؟ الجميع يتمنى أن أحباءه لم يتعذبوا طويلاً أثناء خروج أرواحهم.

لقد تذكرت عدداً من هؤلاء، سواء قابلتهم أو شاهدت مقابلات لهم، كان الجميع يصلي أن من فقدوهم لم يشعروا بحجم الألم الذي صادفهم، وأن أرواحهم قد خرجت بهدوء وسلاسة من دون عذاب أكبر.

لا أحد منا يختار الطريقة التي يموت بها، ولا يختار نوع الحزن الذي سيواجه من حوله، لكن الحقيقة نحن الذين لا نزال على قيد الحياة، يجب علينا ألا نُحمّل مشاعرنا أكثر مما يطاق، وأنه يجب علينا أن نترك مساحة من اتِّساع الرَّحمة.

قرأت ملامح الكثيرين الذين ظهروا على شاشة التلفزيون، ليتحدثوا عن مشاعرهم تجاه من فقدوهم في حوادث الطيران، وعن الأمهات اللواتي خسرن أبناءهن في حوادث سير، وكان حجم الألم في قلوبهم يصل إلى السماء، والتعليق الذي كان يعج في قلوب الجميع: «نتمنى أنهم لم يشعروا في الدقائق الأخيرة بأي ألم».

الموت المنفرد والوحيد، ذلك الذي لا يكون فيه أي شاهد على كيفية الفقد والطريقة التي مر بها، هي أعظم البلاءات وأكثرها حزناً.