نشرت صحيفة «ذا غارديان» البريطانية قبل أسابيع مقالاً ذكرت أنه تم كتابته بالكامل بواسطة نظامGPT-3 ، وانقسمت الآراء والمناقشات حول هذا الخبر، فقد رأى البعض أنه تهديد حقيقي لمهنة الصحافة من قبل الذكاء الاصطناعي، خصوصاً وأننا نتحدث عن «مقال رأي» وليس مجرد مسألة تحرير لخبر، بينما شكك الطرف الآخر بمصداقية ما جاء في المقال، خصوصاً أن النظام كتب 8 مقالات، والصحيفة قامت بتجميعها في مقال واحد، وبدون الرجوع لأصل النص لا يمكننا التحقق من مدى كفاءة هذا النظام.

أنظمة الذكاء الاصطناعي وتطبيقاتها قد دخلت بالفعل لغرف الأخبار منذ سنوات إذ تستخدمها كلٌ من «الأسوشيتد برس»، و«رويترز»، و«الغارديان»، و«لوموند»، وصحيح أن هذه الأنظمة لم تستخدم بعد في منطقتنا العربية إلا أنها مقبلة.

وبنظرة بسيطة لما وصلت له هذه التكنولوجيا سنجد أنها تهدد بشكل خطير محرري الأخبار المتكررة كأخبار الاستقبالات والزيارات والأعمال البروتوكولية الحكومية، وأيضاً الأخبار الاقتصادية المعتمدة على التقارير الدورية وأسواق الأسهم والإحصائيات المالية، وأخبار نتائج المسابقات الرياضية، وبشكل عام جميع الأخبار المتشابهة لبعضها البعض والمكررة لتفاصيلها، ستكون الأنظمة قادرة على توليدها من تلقاء نفسها.

ومن الوظائف الإعلامية المهددة أيضاً الوظائف المعتمدة على المهارة أو التقنية المكررة، مثل وظيفة المصورين داخل الاستوديو وفني الإضاءة والصوت، وحتى وظائف الإخراج التلفزيوني الخاصة بالمباريات الرياضية أو المؤتمرات والأحداث الدورية.

والخطر يهدد أيضاً وظائف التصميم المتكررة كتصاميم صفحات الجرائد وتقسيمها، وأيضاً الخطر يحوم حول وظيفة المذيع الإخباري، حيث دخلت الروبوتات التجريبية بشكل فعلي لهذا المجال، وقد شاهدنا النموذج الصيني الذي أطلقته القناة التلفزيونية الخاصة بوكالة أنباء الصين «شينخوا»، حيث يسهل على الذكاء الاصطناعي والأنظمة التقنية مع الجمع مع الروبوتات والأذرع الإلكترونية أن تتعلم هذه المهارات وتتقنها بشكل لافت، سيجعلها تقدم حالة ثورية للعمل الإعلامي المستقبلي.

على جانب آخر ستساعد التكنولوجيا الصحفيين على إنجاز أعمالهم بشكل أسرع، خصوصاً باستخدام أدوات التفريغ الأتوماتيكية Automated Transcription Service ، والتي ستسرع العمل الصحفي بشكل كبير جداً.

ويبقى الإعلام والصحافة حالة إبداعية، ومن يكن قادراً على التكيف مع التكنولوجيا الحديثة ليستغلها في عمله الإبداعي لينتج أعمالاً أو كتابات أكثر إبداعاً لن تهدده التكنولوجيا مهما تطورت، ولن يفقد وظيفته في غرف الأخبار ولا أمام الكاميرات ولا خلفها، ولكن من يعتمد على التكرار والعمل الروتيني سيكون مهدداً بشكل مباشر، وعليه أن يختار.