قرأنا حين كنا صغارا قصة رمزية عن عظمة قلب الأم وكيف أنه يغفر للأبناء خطاياهم من خلال حكاية شاب أغراه شخص شرير بكنز من الذهب مقابل أن يحضر له قلب أمه، فقام هذا الشاب بقتل أمه ثم حمل قلبها بين يديه وفي الطريق تعثر ووقع قلب الأم ومن الخوف نطق قائلا، "بني هل أصابك شيء من الضرر؟" البعض منا حين كبر ودخل في عراك مع مواقف الحياة بحلوها ومرها اكتشف أن الحياة ليست قلب أمه، ولذلك استطاع أن يتعامل معها بحكمة وهدوء وتعايش، والبعض الآخر ظن أن الحياة مثل قلب أمه ستحنو عليه في عثراته وانكساراته وحزنه وتألمه، ولأن الواقع يقول عكس ذلك فإنه سيعيش تعيسا بينما الحياة تركله من كل صوب غير عابئة بما يظنه.
- الحياة لن تحنو عليك مثل أمك بل ستقصم ظهرك بمواقفها المؤلمة ثم ستحاول دفعك نحو أوديتها السحيقة غير مهتمة بأصوات أنينك وتوجعك، ويبقى الخيار لك في مواجهتها والتغلب على الألم أو الاستسلام وإعلان انهزامك والبقاء حيث تم رميك. البيئة والظروف والأشخاص والوطن غير مسؤولين عن قراراتك الشخصية وهشاشة عواطفك ونظرتك المشوشة عن الحياة، فلا تنتظر أحدهم ليأتي و"يطبطب" عليك "فالناس مشغولة بهمومها"!
- منغصات الحياة لن يدفعها عنك قلب أمك، بل ستحرق روحك حتى تشم رائحة شواء مشاعرك وهي تتقلب فوقها، حتى الأنبياء والرسل والصالحين لم تخل حياتهم من المنغصات، لذلك قدرك كإنسان أن تتعايش معها فلا تلبس رداء الضحية وتبكي على حظك ونصيبك وطيبة قلبك ونياتك الطاهرة "ترى كل هالأمور ما لها دخل". المنغصات أوجدت معك منذ صرختك الأولى التي استقبلت العالم بها، وحدهم الأموات لا يعانون منغصات الحياة. الحل الوحيد أمامك أن تتعامل معها بذكاء وحكمة فلا تمنحها أكبر من حجمها وتوليها مزيدا من الاهتمام الذي لا تستحقه، وأيضا لا تهملها فتتراكم مثل جبل الجليد الذي يظل كامنا في قاع المحيط وحين يصطدم بك قد يتسبب في تحطيمك. التوتر والضغط النفسي والقلق الزائد وتضخيم الأمور والتعامل بحساسية مطلقة مع كل الصغائر في حياتك، سيرهقك نفسيا ويتسبب لك بالأمراض العضوية المزمنة وسيفقدك لذة الاستمتاع بيومك.
- لا تكثر من الرثاء على نفسك وحظك وخيبات أملك لأن من حولك "سيطفشون منك" صدقني "فالناس فيها اللي مكفيها"
- وخزة
يقول تشارلي شابلن لكي تعيش عليك أن تتقن فن التجاهل باحتراف.