أدانت عدة دول في مقدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة، المخططَ الإرهابي الذي تمت الإطاحة بعناصره الأحد الماضي، 28 سبتمبر 2020، في المملكة العربية السعودية، والذي تلقى تدريباته العسكرية والميدانية وطرق تصنيع المتفجرات داخل مواقع الحرس الثوري في إيران، مما يؤكد تطوراً نوعياً في العمليات الإرهابية الإيرانية داخل المملكة، وهو التطور الذي قطعاً يقلق دول الخليج كافة، لأن ما يهدد المملكة بلا شك يهدد الخليج بأكمله.
هذا التطور الخطير في الممارسات الإيرانية في المنطقة، وداخل السعودية تحديداً، يتزامن مع تحقيق قوات التحالف في اليمن أهدافاً كبرى من شأنها أن تجعل قرب التوصل إلى مرحلة متقدمة وحاسمة أمراً ممكناً في الأيام المقبلة، وكانت أولى بوادر ذلك خطةَ تبادل الأسرى بين الأطراف اليمنية تحت إشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومباركة قوات التحالف التي رحبت بنتائج الاتفاق حسب ما صرح به العقيد ركن تركي المالكي المتحدث باسم قوات التحالف لدعم الشرعية في اليمن. ولا شك أن هذه البوادر الإيجابية في المشهد اليمني تقطع الطريق على المخطط العبثي في المنطقة، والذي بدأ في العراق ثم سوريا ولبنان وانتهى باليمن مروراً بأحداث العبث داخل مياه الخليج وما نتج عنها من حرائق في البواخر وعرقلة حركة الملاحة خليجياً ودولياً.
إن ما حدث في المملكة من تفكيك لهذه الخلية الإرهابية هو إنجاز أمني كبير لرئاسة أمن الدولة السعودي وعمل دقيق يضاف إلى مكاسبها الأمنية المتميزة على مدى عقد ونيف من الزمن من محاربة الإرهاب. وفي الوقت الذي تصدت فيه المملكة للإرهاب بشتى أشكاله، وبالتحديد الإرهاب الإيراني الذي استمر لأربعة عقود واتخذ أشكالا متعددة من اغتيالات وتفجيرات واستهداف المقدسات والمقدرات وهجمات أرامكو ودعم الحوثيين بالصواريخ الباليستية واستهداف المصالح السعودية في الخارج ودعم المنظمات الإرهابية كـ«القاعدة» و«داعش» والهيمنة على عدة عواصم عربية، وصولا إلى محاولة خلق حواضن فكرية وإرهابية داخل العمق السعودي وزرع الخلايا التدميرية لإثارة القلاقل والإضرار بالأمن كما هو المراد من هذه الخلية المكونة من 10 أشخاص والتي تم ضبطها قبل أيام.
الأسلحة والمضبوطات التي تم كشفها خلال العملية الأمنية الناجحة بحمد الله تشي باختلاف نوعي في المصدر والتكتيك والممارسة والتقنية والتي تضمنت أجهزة تجسسية متطورة مما ينبئ عن مرحلة جديدة وتطور في طريقة وسياق الاستهداف الكلاسيكي القديم إلى مرحلة استهداف العمق بأدوات «القاعدة» و«داعش»، وهي أدوات التجنيد البشرية البعيد تماماً عن المواجهة المباشرة التي لا شك تجبن إيران عن ممارستها حتى في احتلالها للأربعة عواصم عربية باتت تهيمن عليها بالوكالة. إذن نحن أمام استهداف استراتيجي لن يتوقف إلا بتوقف دستور تصدير الثورة وحروب الوكالة، وذلك لن يتم دون اجتثاث حقيقي لولاية الفقيه وطمس الدولة العميقة لأيديولوجية الملالي التي ملأت العالم إرهاباً، بدءاً بالهمجية في مقدسات الإسلام وبين صفوف حجاج بيت الله في الثمانينيات الميلادية، مروراً بتفجيرات الخبر، وليس انتهاءً باستهداف مقدرات المملكة وتجنيد الإرهاب في عمقها!
المشروع الإيراني مشروع توسعي إحلالي خطير يوجه أسلحته الخبيثة نحو الهوية والولاءات والثقافات الوطنية، أي أنه تغيير ديموغرافي ببروتوكولات مختلفة ومتجددة تمثل عمق الفكر الاستعماري المتجرد من أدنى القيم الإنسانية والحضارية، وهو مشروع إرهاب متكامل الأركان، لكنه يعمل بتكتيك التمدد والهيمنة والممارسات العبثية التي تتمايل حسب ميل السياسة العالمية وتبدل شخوصها!