كورونا ستأخذنا بعيداً، من خسائر أرواح إلى خسائر أموال، وتباعد اجتماعي، ونقص في التعليم، ومشكلات نفسية، فالعالم غير مصدق ماذا يجري له، وكأنها نهاية جيل، وبداية جيل جديد، أي نهاية مرحلة وقيادة جيل السبعينيات الميلادية وما تلاها، وبداية جيل العشرينيات الميلادية من هذا القرن وأقصد هنا التغيُّر الثقافي والاجتماعي، وقد لعبت كورونا دوراً في سرعة التغيُّرات الثقافية والاجتماعية، رافقها تحول تقني نقلها من التقليدية إلى الحياة الإلكترونية والافتراضية، بالفعل عالم جديد تقوده التقنية لذا اختفى من الساحة العديد من قيادات جيل السبعينيات والثمانينيات، الذي ولد في الخمسينيات والستينيات الميلادية، مقابل انتشار جيل العشرينيات الذي ولد في التسعينيات ليتولى القيادة الإدارية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، ومتسلِّح بأهم العناصر:

التقنية، والتعليم المميز والمتخصص، والمهارة الريادية، وعامل السن الفتية.

هذه عناصر جيل العشرينيات، وهي عناصر فارقة وإنتاجية، فهي من يقود المرحلة.

أما كيف كورونا أحدثت التغيير، فقد أرغمت الجيل السابق على الانسحاب من ميدان العمل وملازمة المنزل للعمل عن بُعد، مع عدم الرغبة في مواصلة العمل الوظيفي، والرغبة الملحة في التقاعد والابتعاد عن مخالطة الجمهور، مع عدم الدافعية للإنتاج والتجديد، في حين جيل العشرينيات زادت عنده التنافسية والرغبة في تحقيق النجاحات والإنجازات في سن مبكرة.

لكورونا الذي مضى عليها حوالي (10) أشهر وقد يطول أمدها وتأثيرها سنوات، لها تأثير على الإنتاج والعطاء لأنها تضرب وبقوة على الطموح والتطلعات المستقبلية، وتشكِّل كورونا ثقافة لنفسها، ثقافة جديدة تتمحور حول البيت والأجواء العائلية الأسرة التي يجمعها منزل واحد، وتلاشت الاجتماعات التي تقوم على الأصدقاء والمعارف إلا في حالات قليلة ونسب بسيطة، وهذا مقلق لقادم الأيام إذا استمرت كورونا على وتيرتها أو تصاعدت لأنها ستباعد بين الناس والمجتمعات وتضرب الاقتصاد المحلي والاستثمار والشأن العام للدول، فيكون عودة للحروب الإقليمية، والصراعات العسكرية، وربما عودة إلى زمن العصور الوسطى تُقام الحروب من أجل الغنائم.